بان الشباب وأمسى الشيب قد أزفا ... ولا أرى لشباب ذاهب خلفا
وقوله: كاشِفَةٌ يحتمل أن يكون صفة لمؤنث، التقدير: حالة كاشِفَةٌ، أو منة كاشِفَةٌ. قال الرماني أو جماعة، ويحتمل أن يكون مصدرا كالعاقبة وخائِنَةَ الْأَعْيُنِ [غافر: ١٩] . ويحتمل أن يكون بمعنى كاشف، والهاء للمبالغة، كما قال: فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ [الحاقة: ٨] وأما معنى كاشِفَةٌ فقال الطبري والزجاج: هو من كشف السر، أي ليس من دون الله من يكشف وقتها ويعلمه. وقال الزهراوي عن منذر بن سعيد: هو من كشف الضر ودفعه، أي ليس من يكشف خطبها وهولها.
وقرأ طلحة: لَيْسَ لَها مما تدعون مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ وهي على الظالمين سوءات الغاشية، وهذا الحديث هو القرآن.
وقوله: أَفَمِنْ توقيف وتوبيخ. وفي حرف أبيّ وابن مسعود:«تعجبون»«تضحكون» بغير واو العطف، وفي قوله عز وجل: وَلا تَبْكُونَ حض على البكاء عند سماع القرآن. وروى سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن هذا القرآن أنزل يخوف، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا» ذكره الثعلبي، والسامد: اللاعب اللاهي، وبهذا فسر ابن عباس وغيره من المفسرين. وقال الشاعر [هذيلة بنت بكر] : [مجزوء الكامل]
قيل قم فانظر إليهم ... ثم دع عنك السمود
وسمد بلغة حمير غنى، وهو معنى كله قريب من بعض، وأسند الطبري عن أبي خالد الوالي قال:
خرج علينا عليّ ونحن قيام ننتظر الصلاة فقال: ما لي أراكم سامدين.
قال القاضي أبو محمد: يشبه أنه رآهم في أحاديث ونحوه مما يظن أنه غفلة ما. وقد قال إبراهيم كانوا يكرهون أن ينتظروا خروج الإمام قياما، وفي الحديث:«إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني» .
ثم أمر تعالى بالسجود وعبادة الله تحذيرا وتخويفا، وهاهنا سجدة في قول كثير من أهل العلم، منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وردت بها أحاديث صحاح، وليس يراها مالك رحمه الله، وقال زيد بن وثاب إنه قرأ بها عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد.