وقرأ الحسن بن أبي الحسن «بالغة» بالنصب على الحال وهي حال من النكرة، لأنها نكرة مخصصة بقوله عَلَيْنا، وقرأ الأعرج:«أإن لكم لما تحكمون» وكذلك في التي تقدمت في قوله: «أإن لكم فيه لما تخيرون» ، ثم أمر تعالى نبيه محمدا على وجه إقامة الحجة، أن يسألهم عن الزعيم لهم بذلك من هو؟
والزعيم: الضامن للأمر والقائم به، ثم وقفهم على أمر الشركاء، عسى أن يظنوا أنهم ينفعونهم في شيء من هذا. وقرأ ابن أبي عبلة وابن مسعود:«أم لهم شركاء فليأتوا بشركهم» بكسر الشين دون ألف، والمراد بذلك على القراءتين الأصنام، وقوله تعالى: فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ قيل هو استدعاء وتوقيف في الدنيا، أي ليحضروهم حتى يرى هل هم بحال من يضر وينفع أم لا، وقيل هو استدعاء وتوقيف على أن يأتوا بهم يوم القيامة، يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ. وقوله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ، قال مجاهد: هي أول ساعة من يوم القيامة، وهي أفظعها، وتظاهر حديث من النبي صلى الله عليه وسلم:«أنه ينادي مناد يوم القيامة ليتبع كل أحد ما كان يعبد» ، قال:«فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، وكذلك كل عابد لكل معبود ثم تبقى هذه الأمة وغبرات أهل الكتاب، معهم منافقوهم وكثير من الكفرة، فيقال لهم: ما شأنكم لم تقفون، وقد ذهب الناس فيقولون ننتظر ربنا فيجيئهم الله تعالى في غير الصورة التي عرفوه بها، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، قال فيقول: أتعرفونه بعلامة ترونها فيقولون:
نعم، فيكشف لهم عن ساق، فيقولون: نعم أنت ربنا، ويخرون للسجود فيسجد كل مؤمن وتصير أصلاب المنافقين والكفار كصياصي البقر عظما واحدا، فلا يستطيعون سجودا» .
قال القاضي أبو محمد: هكذا هو الحديث وإن اختلفت منه ألفاظ بزيادة ونقصان، وعلى كل وجه فما ذكر فيه من كشف الساق وما في الآية أيضا من ذلك، فإنما هو عبارة عن شدة الهول وعظم القدرة التي يرى الله تعالى ذلك اليوم حتى يقع العلم أن تلك القدرة إنما هي لله تعالى وحده، ومن هذا المعنى قول الشاعر في صفة الحرب [جد طرفة] : مجزوء الكامل]
كشفت لهم عن ساقها ... وبدا عن الشر البواح
ومنه قول الراجز:[الرجز] وشمرت عن ساقها فشدوا وقول الآخر: [الرجز]
في سنة قد كشفت عن ساقها ... حمراء تبري اللحم عن عراقها
وأصل ذلك أنه من أراد الجد في أمر يحاوله فإنه يكشف عن ساقه تشميرا وجدا، وقد مدح الشعراء بهذا المعنى فمنه قول دريد:[الطويل]
كميش الإزار خارج نصف ساقه ... صبور على الضراء طلاع أنجد
وعلى هذا من إرادة الجد والتشمير في طاعة الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم:«أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه» . وقرأ جمهور الناس:«يكشف عن ساق» بضم الياء على بناء الفعل للمفعول، وقرأ ابن