الرسول صلى الله عليه وسلم مع الناس والاستغفار، فارتفعت الواحدة وبقي الاستغفار إلى يوم القيامة، وقال قتادة: الضمير للكفار، وقوله وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، جملة في موضع الحال أن لو كانت، فالمعنى وما كان الله معذبهم وهم بحال توبة واستغفار من كفرهم لو وقع ذلك منهم، واختاره الطبري، ثم حسن الزجر والتوقيف بعد هذا بقوله وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وقال الزجّاج ما معناه، إن الضمير في قوله وَهُمْ عائد على الكفار.
والمراد به من سبق له في علم الله أن يسلم ويستغفر، فالمعنى: وما كان الله ليعذب الكفار وفيهم من يستغفر ويؤمن في ثاني حال، وحكاه الطبري عن ابن عباس.
وقال مجاهد في كتاب الزهراوي: المراد بقوله وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ذرية المشركين يومئذ الذين سبق لهم في علم الله أن يكونوا مؤمنين، فالمعنى: وما كان الله ليعذبهم وذريتهم يستغفرون ويؤمنون، فنسب الاستغفار إليهم، إذ ذريتهم منهم، وذكره مكي ولم ينسبه، وفي الطبري عن فرقة أن معنى يَسْتَغْفِرُونَ يصلون، وعن أخرى يسلمون ونحو هذا من الأقوال التي تتقارب مع قول قتادة، وقوله عز وجل: وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ توعد بعذاب الدنيا، فتقديره وما يعلمهم أو يدريهم ونحو هذا من الأفعال التي توجب أن تكون «أن» في موضع نصب، وقال الطبري: تقديره وما يمنعهم من أن يعذبوا، والظاهر في قوله وَما أنها استفهام على جهة التقرير والتوبيخ والسؤال، وهذا أفصح في القول وأقطع لهم في الحجة، ويصح أن تكون ما نافية ويكون القول إخبارا، أي وليس لهم ألا يعذبوا وهم يصدون، وقوله وَهُمْ يَصُدُّونَ على التأويلين جملة في موضع الحال، ويَصُدُّونَ في هذا الموضع معناه يمنعون غيرهم، فهو متعدّ كما قال الشاعر:[الوافر]
صددت الكأس عنا أمّ عمرو
وقد تجيء صد عير متعدّ كما أنشد أبو علي:[البسيط]
صدت خليدة عنّا ما تكلّمنا
والضمير في قوله أَوْلِياؤُهُ عائد على الله عز وجل من قوله يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ، أو على المسجد الحرام، كل ذلك جيد، روي الأخير عن الحسن، والضمير الآخر تابع للأول، وقوله وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ معناه لا يعلمون أنهم ليسوا بأوليائه بل يظنون أنهم أولياؤه، وقوله أَكْثَرَهُمْ ونحن نجد كلهم بهذه الصفة، لفظ خارج إما على أن تقول إنه لفظ خصوص أريد به العموم وهذا كثير في كلام العرب، ومنه حكى سيبويه من قولهم: قل من يقول ذلك، وهم يريدون لا يقوله أحد.
وإما أن يقول: إنه أراد بقوله أَكْثَرَهُمْ أن يعلم ويشعر أن بينهم وفي خلالهم قوما قد جنحوا إلى الإيمان ووقع لهم علم وإن كان ظاهرهم الكفر فاستثارهم من الجميع بقوله أَكْثَرَهُمْ وكذلك كانت حال مكة وأهلها، فقد كان فيهم العباس وأم الفضل وغيرها، وحكى الطبري عن عكرمة قال الحسن بن أبي الحسن: إن قوله وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ، ناسخ لقوله وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ.