أتزوج يومي هذا، وكما ذكر سيبويه: تقول لرجل: ما شغلك اليوم؟ وأنت تريد في أيامك هذه، واختلف لم وصف بالأكبر؟ فقال الحسن بن أبي الحسن وعبد الله بن الحارث بن نوفل لأنه حج ذلك العام المسلمون والمشركون وصادف أيضا عيد اليهود والنصارى.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف أن يصفه الله في كتابه بالكبر لهذا، وقال الحسن أيضا: إنما سمي أكبر لأنه حج فيه أبو بكر ونبذت فيه العهود.
قال القاضي أبو محمد: وهذا هو القول الذي يشبه نظر الحسن، وبيانه أن ذلك اليوم كان المفتتح بالحق وإمارة الإسلام بتقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبذت فيه العهود وعز فيه الدين وذل الشرك، ولم يكن ذلك في عام ثمان حين ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج عتاب بن أسيد كان أمر العرب على أوله، فكل حج بعد حج أبي بكر فمتركب عليه فحقه لهذا أن يسمى أكبر، وقال عطاء بن أبي رباح وغيره: الحج أكبر بالإضافة إلى الحج الأصغر وهي العمرة، وقال الشعبي: بالإضافة إلى العمرة في رمضان فإنها الحج الأصغر، وقال مجاهد: الحج الأكبر القران والأصغر الإفراد، وهذا ليس من هذه الآية في شيء، وقد تقدم ما ذكره منذر بن سعيد، ويتجه أن يوصف بالأكبر على جهة المدح لا بإضافة إلى أصغر معين، بل يكون المعنى الأكبر من سائر الأيام فتأمله، واختصار ما تحتاج إليه هذه الآية على ما ذكر مجاهد وغيره من صورة تلك الحال، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح مكة سنة ثمان، فاستعمل عليها عتاب بن أسيد وقضى أمر حنين والطائف وانصرف إلى المدينة فأقام بها حتى خرج إلى تبوك، ثم انصرف من تبوك في رمضان سنة تسع فأراد الحج ثم نظر في أن المشركين يحجون في تلك السنة ويطوفون عراة فقال لا أريد أن أرى ذلك، فأمر أبا بكر على الحج بالناس وأنفذه، ثم أتبعه علي بن أبي طالب على ناقته العضباء، وأمره أن يؤذن في الناس بأربعة أشياء، وهي:
لا يحج بعد العام مشرك، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، وفي بعض الروايات ولا يدخل الجنة كافر، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو له إلى مدته، وفي بعض الروايات، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فأجله أربعة أشهر يسيح فيها، فإذا انقضت ف أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ.
قال القاضي أبو محمد: وأقول: إنهم كانوا ينادون بهذا كله، فهذا للذين لهم عهد وتحسس منهم نقضه، والإبقاء إلى المدة لمن لم يخبر منه نقض، وذكر الطبري أن العرب قالت يومئذ: نحن نبرأ من عهدك وعهد ابن عمك إلا من الطعن والضرب، فلام بعضهم بعضا وقالوا ما تصنعون وقد أسلمت قريش؟
فأسلموا كلهم ولم يسح أحد.
قال القاضي أبو محمد: وحينئذ دخل الناس في دين الله أفواجا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر عليا أن يقرأ على الناس الأربعين آية صدر سورة براءة وقيل ثلاثين، وقيل عشرين، وفي بعض الروايات عشر آيات، وفي بعضها تسع آيات، ذكرها النقاش، وقال سليمان بن موسى الشامي ثمان وعشرون آية، فلحق علي أبا بكر في الطريق فقال له أبو بكر أمير أو مأمور، فقال بل مأمور فنهضا حتى بلغا