وقيل أَعْلَمُ اسم، وما في موضع خفض بالإضافة، ولا يصح الصرف فيه بإجماع من النحاة، وإنما الخلاف في أفعل إذا سمي به وكان نكرة، فسيبويه والخليل لا يصرفانه، والأخفش يصرفه.
واختلف أهل التأويل في المراد بقوله تعالى: ما لا تَعْلَمُونَ فقال ابن عباس: «كان إبليس- لعنه الله- قد أعجب ودخله الكبر لما جعله الله خازن السماء الدنيا وشرفه» . وقيل: بل لما بعثه الله إلى قتل الجن الذين كانوا أفسدوا في الأرض فهزمهم وقتلهم بجنده، قاله ابن عباس أيضا. واعتقد أن ذلك لمزية له واستحقب الكفر والمعصية في جانب آدم عليه السلام.
قال: فلما قالت الملائكة وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ وهي لا تعلم أن في نفس إبليس خلاف ذلك. قال الله لهم إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ يعني ما في نفس إبليس.
وقال قتادة: لما قالت الملائكة أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وقد علم الله تعالى أن فيمن يستخلف في الأرض أنبياء وفضلاء وأهل طاعة، قال لهم إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ يعني أفعال الفضلاء من بني آدم.
وقوله تعالى: وَعَلَّمَ معناه عرف وتعليم آدم هنا عند قوم إلهام علمه ضرورة.
وقال قوم: بل تعليم بقول، فإما بواسطة ملك، أو بتكليم قبل هبوطه الأرض، فلا يشارك موسى- عليه السلام- في خاصته.
وقرأ اليماني: «وعلّم» بضم العين على بناء الفعل للمفعول، «آدم» مرفوعا.
قال أبو الفتح: «وهي قراءة يزيد البربري» ، وآدَمَ أفعل مشتق من الأدمة وهي حمرة تميل إلى السواد، وجمعه أدم وأوادم كحمر وأحامر، ولا ينصرف بوجه، وقيل آدَمَ وزنه فاعل مشتق من أديم الأرض، كأن الملك آدمها وجمعه آدمون وأوادم، ويلزم قائل هذه المقالة صرفه.
وقال الطبري: «آدم فعل رباعي سمي به» ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خلق الله آدم من أديم الأرض كلها فخرجت ذريته على نحو ذلك منهم الأبيض والأسود والأسمر والسهل والحزن والطيب والخبيث» .
واختلف المتأولون في قوله: الْأَسْماءَ فقال جمهور الأمة: «علمه التسميات» وقال قوم: «عرض عليه الأشخاص» .
قال القاضي أبو محمد: والأول أبين، ولفظة- علمه- تعطي ذلك.
ثم اختلف الجمهور في أي الأسماء علمه؟ فقال ابن عباس وقتادة ومجاهد: «علمه اسم كل شيء من جميع المخلوقات دقيقها وجليلها» .
وقال حميد الشامي: «علمه أسماء النجوم فقط» .
وقال الربيع بن خثيم: «علمه أسماء الملائكة فقط» .