ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:«من سره النساء في الأجل والسعة في الرزق فليصل رحمه» . وقرأ جمهور الناس والسبعة «النسيء» كما تقدم، وقرأ ابن كثير فيما روي عنه وقوم معه في الشاذ «النسيّ» بشد الياء، وقرأ فيما روى عنه جعفر بن محمد والزهري «النسيء» ، وقرأ أيضا فيما روي عنه «النسء» على وزن النسع وقرأت فرقة «النسي» . فأما «النسيء» بالمد والهمز فقال أبو علي هو مصدر مثل النذير والنكير وعذير الحي ولا يجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول لأنه يكون المعنى إنما المؤخر زيادة والمؤخر الشهر ولا يكون الشهر زيادة في الكفر.
قال القاضي أبو محمد: وقال أبو حاتم هو فعيل بمعنى مفعول، وينفصل عن إلزام أبي علي بأن يقدر مضاف كان المعنى إنما إنساء النسيء، وقال الطبري هو من معنى الزيادة أي زيادتهم في الأشهر، وقال أبو وائل كان النسيء رجلا من بني كنانة.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، وأما «النسي» فهو الأول بعينه خففت الهمزة وقيل قلبت الهمزة ياء وأدغمت الياء في الياء، وأما «النسء» هو مصدر من نسأ إذا أخر، وأما «النسي» فقيل تخفيف همزة النسيء وذلك على غير قياس، وقال الطبري هو مصدر من نسي ينسى إذا ترك.
قال القاضي أبو محمد: والنسيء هو فعل العرب في تأخيرهم الحرمة، وقوله زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ أي جار في كفرهم بالله وخلاف منهم للحق فالكفر متكثر بهذا الفعل الذي هو باطل في نفسه.
قال القاضي أبو محمد: ومما وجد في أشعارها من هذا المعنى قول بعضهم: [الوافر] ومنا منسىء الشهر القلمس وقال الآخر: [الكامل]
نسؤوا الشهور بها وكانوا أهلها ... من قبلكم والعز لم يتحول
ومنه قول جذل الطعان:[الوافر]
وقد علمت معدّ أنّ قومي ... كرام الناس أن لهم كراما
فأي الناس فاتونا بوتر ... وأي الناس لم تعلك لجاما
ألسنا الناسئين على معد ... شهور الحل نجعلها حراما
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر «يضل» بفتح الياء وكسر الضاد، وقرأ ابن مسعود والحسن ومجاهد وقتادة وعمرو بن ميمون «يضل» بضم الياء وكسر الضاد فإما على معنى يضل الله وإما على معنى يضل به الذين كفروا أتباعهم، ف الَّذِينَ في التأويل الأول في موضع نصب، وفي الثاني في موضع رفع، وقرأ عاصم أيضا وحمزة والكسائي وابن مسعود فيما روي عنه «يضل» بضم الياء وفتح الضاد على المفعول الذي لم يسم فاعله، ويؤيد ذلك قوله تعالى: زُيِّنَ للتناسب في اللفظ، وقرأ أبو رجاء «يضل» من ضل يضل على وزن فعل بكسر العين يفعل بفتحها وهي لغتان يقال ضل يضل وضل يضل والوزن الذي ذكرناه يفرق بينهما، وكذلك يروى قول النبي صلى الله عليه وسلم، «حتى يضل الرجل إن