للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن جريج: «كان الأحبار يحضون الناس على طاعة الله، وكانوا هم يواقعون المعاصي» .

وقالت فرقة: كانوا يحضون على الصدقة ويبخلون.

وقوله تعالى: وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ معناه: تدرسون وتقرءون، ويحتمل أن يكون المعنى تتبعون أي في الاقتداء به، والْكِتابَ التوراة وهي تنهاهم عما هم عليه من هذه الصفة الذميمة.

وقوله تعالى: أَفَلا تَعْقِلُونَ معناه: أفلا تمنعون أنفسكم من مواقعة هذه الحال المردية لكم؟

والعقل: الإدراك المانع من الخطأ مأخوذ منه عقال البعير، أي يمنعه من التصرف، ومنه المعقل أي موضع الامتناع.

وقوله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ قال مقاتل: «معناه على طلب الآخرة» .

وقال غيره: المعنى استعينوا بالصبر عن الطاعات وعن الشهوات على نيل رضوان الله، وبالصلاة على نيل الرضوان وحط الذنوب، وعلى مصائب الدهر أيضا، ومنه الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر فزع إلى الصلاة، ومنه ما روي أن عبد الله بن عباس نعي إليه أخوه قثم، وهو في سفر، فاسترجع وتنحى عن الطريق وصلى ثم انصرف إلى راحلته، وهو يقرأ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ.

وقال مجاهد: الصبر في هذه الآية الصوم، ومنه قيل لرمضان شهر الصبر، وخص الصوم والصلاة على هذا القول بالذكر لتناسبهما في أن الصيام يمنع الشهوات ويزهد في الدنيا، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتخشع. ويقرأ فيها القرآن الذي يذكر بالآخرة.

وقال قوم: «الصبر» على بابه، وَالصَّلاةِ الدعاء، وتجيء هذه الآية على هذا القول مشبهة لقوله تعالى:

إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ [الأنفال: ٤٥] لأن الثبات هو الصبر، وذكر الله هو الدعاء.

واختلف المتأولون في قوله تعالى: وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ على أي شيء يعود الضمير؟ فقيل على الصَّلاةِ، وقيل على الاستعانة التي يقتضيها قوله وَاسْتَعِينُوا، وقيل على العبادة التي يتضمنها بالمعنى ذكر الصبر والصلاة.

وقالت فرقة: على إجابة محمد صلى الله عليه وسلم.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وفي هذا ضعف، لأنه لا دليل له من الآية عليه.

وقيل: يعود الضمير على الكعبة، لأن الأمر بالصلاة إنما هو إليها.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا أضعف من الذي قبله.

و «كبيرة» معناه ثقيلة شاقة، والخاشعون المتواضعون المخبتون، والخشوع هيئة في النفس يظهر منها على الجوارح سكون وتواضع.

ويَظُنُّونَ في هذه الآية قال الجمهور: معناه يوقنون.

وحكى المهدوي وغيره: أن الظن هنا يصح أن يكون على بابه، ويضمر في الكلام بذنوبهم، فكأنهم يتوقعون لقاءه مذنبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>