ظاهر أمرهم أنهم كانوا نبئوا وانتقلت حالهم، فلم يخف كمثل ما خاف على يوسف من قبل، لكن أعلم بأن في نفسه شيئا، ثم استسلم لله تعالى، بخلاف عبارته في قصة يوسف.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم- في رواية أبي بكر- «خير حفظا» وقرأ حمزة والكسائي وحفص- عن عاصم- «خير حافظا» ونصب ذلك- في القراءتين- على التمييز. وقال الزجاج:
يجوز أن ينصب «حافظا» على الحال، وضعف ذلك أبو علي الفارسي، لأنها حال لا بد للكلام والمعنى منها، وذلك بخلاف شرط الحال، وإنما المعنى أن حافظ الله خير حافظكم. ومن قرأ «حفظا» فهو مع قولهم: وَنَحْفَظُ أَخانا. ومن قرأ «حافظا» فهو مع قولهم وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [يوسف: ٦٣] فاستسلم يعقوب عليه السلام لله وتوكل عليه. قال أبو عمرو الداني: قرأ ابن مسعود: «فالله خير حافظ وهو خير الحافظين» .
قال القاضي أبو محمد: وفي هذا بعد.
وقوله: فَتَحُوا مَتاعَهُمْ سمى المشدود المربوط بحملته متاعا، فلذلك حسن الفتح فيه، قرأ جمهور الناس:«ردت» بضم الراء، على اللغة الفاشية عن العرب، وتليها لغة من يشم، وتليها لغة من يكسر. وقرأ علقمة ويحيى بن وثاب «ردت» بكسر الراء على لغة من يكسر- وهي في بني ضبة-، قال أبو الفتح: وأما المعتل- نحو قيل وبيع- فالفاشي فيه الكسر، ثم الإشمام، ثم الضم، فيقولون: قول وبوع، وأنشد ثعلب:[الرجز] ... وقول لا أهل له ولا مال قال الزجاج: من قرأ: «ردت» بكسر الراء- جعلها منقولة من الدال- كما فعل في قيل وبيع- لتدل على أن أصل الدال الكسرة.
وقوله ما نَبْغِي يحتمل أن تكون ما استفهاما، قاله قتادة. ونَبْغِي من البغية، أي ما نطلب بعد هذه التكرمة؟ هذا مالنا رد إلينا مع ميرتنا. قال الزجّاج: ويحتمل أن تكون ما نافية، أي ما بقي لنا ما نطلب، ويحتمل أيضا أن تكون نافية، ونَبْغِي من البغي، أي ما تعدينا فكذبنا على هذا الملك ولا في وصف إجماله وإكرامه هذه البضاعة مردودة.
وقرأ أبو حيوة «ما تبغي» - بالتاء، على مخاطبة يعقوب، وهي بمعنى: ما تريد وما تطلب؟ قال المهدوي: وروتها عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأت فرقة:«ونمير» بفتح النون- من مار يمير:
إذا جلب الخير، ومن ذلك قول الشاعر:[الوافر]
بعثتك مائرا فمكثت حولا ... متى يأتي غياثك من تغيث
وقرأت عائشة رضي الله عنها:«ونمير» بضم النون- وهي من قراءة أبي عبد الرحمن السلمي- وعلى هذا يقال: مار وأمار بمعنى ... ؟
وقولهم: وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ يريدون بعير أخيهم إذ كان يوسف إنما حمل لهم عشرة أبعرة ولم