للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إن السامري كان في أصله من قوم يعبدون البقر، وكان يعجبه ذلك.

وقيل: بل كانت بنو إسرائيل قد مرت مع موسى على قوم يعبدون البقر ف قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف: ١٣٨] ، فوعاها السامري وعلم أن من تلك الجهة يفتنون، ففتنت بنو إسرائيل بالعجل، وظلت منهم طائفة يعبدونه، فاعتزلهم هارون بمن تبعه، فجاء موسى من ميعاده فغضب حسبما يأتي قصصه في مواضعه من القرآن إن شاء الله.

ثم أوحى الله إليه أنه لن يتوب على بني إسرائيل حتى يقتلوا أنفسهم، ففعلت بنو إسرائيل ذلك، فروي أنهم لبسوا السلاح، من عبد منهم ومن لم يعبد وألقى الله عليهم الظلام، فقتل بعضهم بعضا يقتل الأب ابنه والأخ أخاه، فلما استحر فيهم القتل وبلغ سبعين ألفا عفا الله عنهم وجعل من مات منهم شهيدا، وتاب على البقية، فذلك قوله: ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ.

وقال بعض المفسرين: وقف الذين عبدوا العجل صفا ودخل الذين لم يعبدوه عليهم بالسلاح فقتلوهم.

وقالت طائفة: جلس الذين عبدوا بالأفنية، وخرج يوشع بن نون ينادي: ملعون من حل حبوته، وجعل الذين لم يعبدوا يقتلونهم، وموسى في خلال ذلك يدعو لقومه ويرغب في العفو عنهم، وإنما عوقب الذين لم يعبدوا بقتل أنفسهم على أحد الأقوال أو بقتلهم قراباتهم على الأقوال الأخر لأنهم لم يغيروا المنكر حين عبدوا العجل، وإنما اعتزلوا وكان الواجب عليهم أن يقاتلوا من عبده، وأَنْتُمْ ظالِمُونَ مبتدأ وخبر في موضع الحال، وقد تقدم تفسير الظلم، والعفو تغطية الأثر وإذهاب الحال الأولى من الذنب أو غيره، ولا يستعمل العفو بمعنى الصفح إلا في الذنب وعفا عنهم عز وجل أي عمن بقي منهم لم يقتل، ولَعَلَّكُمْ ترج لهم في حقهم وتوقع منهم لا في حق الله عز وجل، لأنه كان يعلم ما يكون منهم.

وقوله تعالى: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ، إِذْ عطف على ما ذكر من النعم، والْكِتابَ هو التوراة بإجماع من المتأولين.

واختلف في الْفُرْقانَ هنا فقال الزجاج وغيره هو التوراة أيضا كرر المعنى لاختلاف اللفظ، ولأنه زاد معنى التفرقة بين الحق والباطل، ولفظة الكتاب لا تعطي ذلك.

وقال آخرون: الْكِتابَ التوراة، والْفُرْقانَ سائر الآيات التي أوتي موسى صلى الله عليه وسلم، لأنها فرقت بين الحق والباطل.

وقال آخرون: الْفُرْقانَ: النصر الذي فرق بين حالهم وحال آل فرعون بالنجاة والغرق.

وقال ابن زيد: «الفرقان انفراق البحر له حتى صار فرقا» .

وقال الفراء وقطرب: معنى هذه الآية: آتينا موسى الكتاب ومحمدا الفرقان.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف.

ولَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ترج وتوقع مثل الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>