ورجالات، وليس الأمر كما ذكر لأن تلك كجمل وجمال وجمالات، ومعقبة ومعقبات إنما هي كضاربة وضاربات.
وفي قراءة أبيّ بن كعب «من بين يديه ورقيب من خلفه» ، وقرأ ابن عباس: «ورقباء من خلفه» ، وذكر عنه أبو حاتم أنه قرأ: «معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله» .
وقوله: يَحْفَظُونَهُ يحتمل معنيين:
أحدهما: أن يكون بمعنى يحرسونه، ويذبون عنه: فالضمير محمول ليحفظ.
والمعنى الثاني أن يكون بمعنى حفظ الأقوال وتحصيلها، ففي اللفظة حينئذ حذف مضاف تقديره:
يحفظون أعماله، ويكون هذا حينئذ من باب وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: ٨٢] وهذا قول ابن جريج.
وقوله: مِنْ أَمْرِ اللَّهِ من جعل يَحْفَظُونَهُ بمعنى يحرسونه كان معنى قوله: مِنْ أَمْرِ اللَّهِ يراد به «المعقبات» ، فيكون في الآية تقديم وتأخير، أي «له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه» قال أبو الفتح: ف مِنْ أَمْرِ اللَّهِ في موضع رفع لأنه صفة لمرفوع وهي «المعقبات» .
قال القاضي أبو محمد: ويحتمل هذا التأويل في قوله: مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مع التأويل الأول في يَحْفَظُونَهُ.
ومن تأول الضمير في لَهُ عائد على العبد، وجعل «المعقبات» الحرس، وجعل الآية في رؤساء الكافرين- جعل قوله مِنْ أَمْرِ اللَّهِ بمعنى يحفظونه بزعمه من قدر الله، ويدفعونه في ظنه، عنه، وذلك لجهالته بالله تعالى.
قال القاضي أبو محمد: وبهذا التأويل جعلها المتأول في الكافرين. قال أبو الفتح: ف مِنْ أَمْرِ اللَّهِ على هذا في موضع نصب، كقولك حفظت زيدا من الأسد، فمن الأسد معمول لحفظت وقال قتادة: معنى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ: بأمر الله، أي يحفظونه مما أمر الله، وهذا تحكم في التأويل، وقال قوم: المعنى الحفظ من أمر الله، وقد تقدم نحو هذا.
وقرأ علي بن أبي طالب وابن عباس وعكرمة وجعفر بن محمد: «يحفظونه بأمر الله» .
ثم أخبر تعالى أنه لا يغير ما بقوم- بأن يعذبهم ويمتحنهم معاقبا- حتى يقع منهم تكسب للمعاصي وتغيير ما أمروا به من طاعة.
وهذا موضع تأمل لأنه يداخل هذا الخبر ما قررت الشريعة من أخذ العامة بذنوب الخاصة، ومنه قوله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال: ٢٥] ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم- وقد قيل له: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ - قال: نعم إذا كثر الخبث. إلى أشياء كثيرة من هذا.
فقوله تعالى في هذه الآية: لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا معناه حتى يقع تغيير إما منهم وإما من