[الكهف: ١٠٣- ١٠٤] هم الحرورية؟ قال: لا ولكن الحرورية: هم الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وأولئك هم الفاسقون، فكان سعد بن أبي وقاص يجعل فيهم الآيتين.
و «اللعنة» : الإبعاد من رحمة الله ومن الخير جملة. وسُوءُ الدَّارِ ضد عُقْبَى الدَّارِ [الرعد: ٢٣] والأظهر في الدَّارِ هنا أنها دار الآخرة، ويحتمل أنها الدنيا على ضعف.
وقوله: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ الآية، لما أخبر عمن تقدمت صفته بأن لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ أنحى بعد ذلك على أغنيائهم، وحقر شأنهم وشأن أموالهم، المعنى: أن هذا كله بمشيئة الله، يهب الكافر المال ليهلكه به، ويقدر على المؤمن ليعظم بذلك أجره وذخره.
وقوله: وَيَقْدِرُ أي من التقدير، فهو مناقض يبسط. ثم استجهلهم في قوله: وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وهي بالإضافة إلى الآخرة متاع ذاهب مضمحل يستمتع به قليلا ثم يفنى. و «المتاع» : ما يتمتع به مما لا يبقى وقال الشاعر: [الوافر]
تمتّع يا مشعث إن شيئا ... سبقت به الممات هو المتاع
وقوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ الآية، هذا رد على مقترحي الآيات من كفار قريش، كسقوط السماء عليهم كسفا ونحو ذلك من قولهم: سيّر عنا الأخشبين واجعل لنا البطاح محارث ومغترسا كالأردن، وأحي لنا قصيّا وأسلافنا، فلما لم يكن ذلك- بحسب أن آيات الاقتراح لم تجر عادة الأنبياء بالإتيان بها إلا إذا أراد الله تعذيب قوم- قالوا هذه المقالة، فرد الله عليهم قُلْ ... أي أن نزول الآية لا تكون معه ضرورة إيمانكم ولا هداكم، وإنما الأمر بيد الله يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إلى طاعته والإيمان به مَنْ أَنابَ إلى الطاعة وآمن بالآيات الدالة.
ويحتمل أن يعود الضمير في إِلَيْهِ على القرآن الكريم، ويحتمل أن يعود على محمد عليه السلام. والَّذِينَ بدل من مِنْ في قوله: مَنْ أَنابَ و «طمأنينة القلوب» هي الاستكانة والسرور بذكر الله والسكون به كمالا به. ورضى بالثواب عليه وجودة اليقين.
ثم استفتح عز وجل الإخبار بأن طمأنينة القلوب بذكر الله تعالى.. وفي هذا الإخبار حض وترغيب في الإيمان، والمعنى: أن بهذا تقع الطمأنينة لا بالآيات المقترحة، بل ربما كفر بعدها، فنزل العذاب كما سلف في بعض الأمم.
والَّذِينَ الثاني ابتداء وخبره: طُوبى لَهُمْ ويصح أن يكون الَّذِينَ بدلا من الأول.
وطُوبى ابتداء ولَهُمْ خبره. وطُوبى اسم، يدل على ذلك كونه ابتداء. وهي فعلى من الطيب في قول بعضهم، وذهب سيبويه بها مذهب الدعاء وقال: هي في موضع رفع، ويدل على ذلك رفع وَحُسْنُ. وقال ثعلب: طُوبى مصدر. وقرىء «وحسن» بالنصب ف طُوبى على هذا مصدر كما قالوا: سقيا لك، ونظيره من المصادر الرجعى والعقبى. قال ابن سيده: والطوبى جمع طيبة عن كراع.