قال ابن عمر وابن مسعود وابن عباس ومجاهد وابن جبير:«السبع» هنا هي السبع الطوال البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والمص والأنفال مع براءة، وقال ابن جبير: بل السابعة يونس وليست الأنفال وبراءة منها، والْمَثانِي على قول هؤلاء: القرآن كما قال تعالى: كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ [الزمر: ٢٣] ، وسمي بذلك لأن القصص والأخبار تثنى فيه وتردد، وقال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس أيضا وابن مسعود والحسن وابن أبي مليكة وعبيد بن عمير وجماعة:«السبع» هنا هي آيات الحمد، قال ابن عباس: هي سبع: ببسم الله الرحمن الرحيم، وقال غيره هي سبع دون البسملة، وروي في هذا حديث أبي بن كعب ونصه: قال أبيّ: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أعلمك يا أبيّ سورة لم تنزل في التوراة والإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها» ، قلت: بلى، قال:«إني لأرجو أن لا تخرج من ذلك الباب حتى تعلمها» ، فقام رسول الله وقمت معه ويدي في يده وجعلت أبطىء في المشي مخافة أن أخرج، فلما دنوت من باب المسجد، قلت: يا رسول الله، السورة التي وعدتنيها؟ فقال:«كيف تقرأ إذا قمت في الصلاة» ؟ قال: فقرأت الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [الفاتحة: ١] حتى كملت فاتحة الكتاب، فقال:«هي هي، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيت» ، كذا أو نحوه ذكره مالك في الموطأ، وهو مروي في البخاري ومسلم عن أبي سعيد بن المعلى أيضا، وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «إنها السبع المثاني، وأم القرآن، وفاتحة الكتاب» وفي كتاب الزهراوي: وليس فيها بسملة، والْمَثانِي على قول هؤلاء يحتمل أن يكون القرآن، ف مِنَ للتبعيض، وقالت فرقة: بل أراد الحمد نفسها كما قال الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ [الحج: ٣٠] ف مِنَ لبيان الجنس، وسميت بذلك لأنها تثنى في كل ركعة، وقيل سميت بذلك لأنها يثنى بها على الله تعالى، جوزه الزجاج.
قال القاضي أبو محمد: وفي هذا القول من جهة التصريف نظر، وقال ابن عباس: سميت بذلك لأن الله تعالى استثناها لهذه الأمة ولم يعطها لغيرها، وقال نحوه ابن أبي مليكة، وقرأت فرقة «والقرآن» بالخفض عطفا على الْمَثانِي وقرأت فرقة «والقرآن» بالنصب عطفا على قوله سَبْعاً، وقال زياد بن أبي مريم:
المراد بقوله وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً أي سبع معان من القرآن خولناك فيها شرف المنزلة في الدنيا والآخرة وهي: مر، وانه، وبشر، وأنذر، واضرب الأمثال، واعدد النعم، واقصص الغيوب، وقال أبو العالية «السبع المثاني» هي آية فاتحة الكتاب، ولقد نزلت هذه السورة وما نزل من السبع الطوال شيء، وقوله لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الآية، حكى الطبري، عن سفيان بن عيينة أنه قال هذه الآية أمر بالاستغناء بكتاب الله عن جميع زينة الدنيا، وهي ناظرة إلى قوله عليه السلام:«ليس منا من لم يتغن بالقرآن» أي يستغني به.