فارهبوا إياي فارهبون ولا يعمل فيه الفعل لأنه قد عمل في الضمير المتصل به، وقوله وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ الآية، الواو في قوله وَلَهُ عاطفة على قوله: إِلهٌ واحِدٌ، وجائز أن يكون واو ابتداء، وما عامة جميع الأشياء مما يعقل ومما لا يعقل، والسَّماواتِ هنا كل ما ارتفع من الخلق في جهة فوق، فيدخل فيه العرش والكرسي، والدِّينُ الطاعة والملك كما قال زهير في دين عمرو: وحالت بيننا فدك. أي في طاعته وملكه، و «الواصب» القائم، قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد والضحاك وقال الشاعر [أبي الأسود] : [الكامل]
وقالت فرقة: هو من الوصب وهو التعب، أي وله الدين على تعبه ومشقته.
قال القاضي أبو محمد: ف «واصب» على هذا جار على النسب أي ذا وصب، كما قال: أضحى فؤادي به فاتنا، وهذا كثير، وقال ابن عباس أيضا:«الواصب» الواجب، وهذا نحو قوله: الواصب الدائم، وقوله أَفَغَيْرَ، توبيخ ولفظ استفهام ونصب «غير» ب تَتَّقُونَ، لأنه فعل لم يعمل في سوى «غير» المذكورة. والواو في قوله وَما بِكُمْ يجوز أن تكون واو ابتداء، ويجوز أن تكون واو الحال، ويكون الكلام متصلا بقول أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ، كأنه يقال على جهة التوبيخ: أتتقون غير الله وما منعم عليكم سواه، والباء في قوله بِكُمْ متعلقة بفعل تقديره وما نزل أو ألم ونحو هذا، وما بمعنى الذي، والفاء في قوله فَمِنَ اللَّهِ دخلت بسبب الإبهام الذي في ما التي هي بمعنى الذي، فأشبه الكلام الشرط، ومعنى الآية التذكير بأن الإنسان في جليل أمره ودقيقه إنما هو في نعمة الله وأفضاله، إيجاده داخل في ذلك فما بعده، ثم ذكر تعالى بأوقات المرض لكون الإنسان الجاهل يحس فيها قدر الحاجة إلى لطف الله تعالى، والضُّرَّ وإن كان يعم كل مكروه فأكثر ما يجيء عبارة عن أرزاء البدن، وتَجْئَرُونَ معناه ترفعون أصواتكم باستغاثة وتضرع، وأصله في جؤار الثور والبقرة وصياحها، وهو عند جهد يلحقها أو في أثر دم يكون من بقر تذبح، فذلك الصراخ يشبه به انتحاب الداعي المستغيث بالله إذ رفع صوته، ومنه قول الأعشى:[المتقارب]
يراوح من صلوات الملي ... ك طورا سجودا وطورا جؤارا
وأنشده أبو عبيدة:
بأبيل كلما صلى جأر والأصوات تأتي غالبا على فعال أو فعيل، وقرأ الزهري «يجرون» بفتح الجيم دون همز حذفت الهمزة وألقيت حركتها على الجيم، كما خففت «تسلون» من «تسألون» ، وقوله ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ قرأ