والواو زائدة، وقالت فرقة منها الزجاج وغيره الجواب في قوله يا وَيْلَنا التقدير قالوا يا وَيْلَنا وليست الواو بزائدة، والذي أقول إن الجواب في قوله فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ وهذا هو المعنى الذي قصد ذكره لأنه رجوعهم الذي كانوا يكذبون به وحرم عليهم امتناعه، وقرأ الجمهور «فتحت» بتخفيف التاء، وقرأ ابن عامر وحده «فتحت» بتثقيلها، وروي أن يأجوج ومأجوج يشرفون في كل يوم على الفتح فيقولون غدا نفتح ولا يردون المشيئة إلى الله تعالى فإذا كان غدا وجدوا الردم كأوله حتى إذا أذن الله تعالى في فتحه قال قائلهم غدا نفتحه إن شاء الله فيجدونه كما تركوه قريب الانفتاح فيفتحونه حينئذ، وقرأ عاصم وحده «يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ» بالهمز، وقرأ الجمهور بالتسهيل، وقد تقدم في سورة الكهف توجيه ذلك وكثير من حال يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فغنيناها هنا عن إعادة ذلك. و «الحدب» كل متسنم من الأرض كالجبل والظرب والكدية والقبر ونحوه. وقالت فرقة المراد بقوله، وَهُمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ لأنهم يطلعون من كل ثنية ومرتفع ويعمون الأرض وذلك أنهم من الكثرة بحيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «يقول الله تعالى يوم القيامة لآدم أخرج بعث النار من ذريتك فيخرج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين» قال ففزع الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «إن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف رجل» ويروى أن الرجل منهم لا يموت حتى يولد له ألف بين رجل وامرأة وقالت فرقة المراد بقوله وَهُمْ جميع العالم وإنما هو تعريف بالبعث من القبور وقرأ ابن مسعود «من كل جدث» وهذه القراءة تؤيد هذا التأويل ويَنْسِلُونَ معناه يسرعون في تطامن ومنه قول الشاعر: [الرمل]
عسلان الذئب أمسى قاربا ... برد الليل عليه فنسل
وقرأت فرقة بكسر السين، وقرأت بضمها، وأسند الطبري عن أبي سعيد قال يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدا إلا قتلوه إلا أهل الحصون فيمرون على بحيرة طبرية فيمر آخرهم فيقول كان هنا مرة ما، قال فيبعث الله عليهم النغف حتى تكسر أعناقهم فيقول أهل الحصون لقد هلك أعداء الله فيدلون رجلا ينظر فيجدهم قد هلكوا قال فينزل الله تعالى من السماء ماء فيقذف بهم في البحر فيطهر الأرض منهم، وفي حديث حذيفة نحو هذا وفي آخره قال وعند ذلك طلوع الشمس من مغربها، وروي أن ابن عباس رأى صبيانا يلعبون وينزوا بعضهم على بعض فقال هكذا خروج يأجوج ومأجوج.
وقوله تعالى: وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ يريد يوم القيامة، وروي في الحديث «أن الرجل ليتخذ الفلو بعد يأجوج ومأجوج فلا يبلغ منفعته حتى تقوم الساعة» ، وقوله تعالى: هِيَ، مذهب سيبويه أنها ضمير القصة كأنه قال فإذا القصة أو الحادثة شاخِصَةٌ أَبْصارُ وجوز الفراء أن تكون ضمير الأبصار تقدمت لدلالة الكلام ويجيء ما يفسرها وأنشد على ذلك:[الطويل]
فلا وأبيها لا تقول حليلتي ... ألا فرّعني مالك بن أبي كعب
والشخوص بالعين إحداد النظر دون أن يطرف، وذلك يعتري من الخوف المفرط أو علة أو نحوه، وقوله: يا وَيْلَنا تقديره يا ويلنا لقد كانت بنا غفلة عما وجدنا الآن وتبينا الآن من الحقائق ثم تركوا الكلام الأول ورجعوا إلى نقد ما كان يداخلهم من تعهد الكفر وقصد الإعراض فقالوا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ.