ابن كثير في الوصل والوقف «البادي» بالياء. ووقف أبو عمرو بغير ياء، ووصل بالياء، وقرأ نافع «الباد» بغير ياء في الوصل والوقف في رواية المسيبي، وأبي بكر وإسماعيل ابني أبي أويس، وروى ورش الوصل بالياء، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي بغير ياء وصلا ووقفا، وهي في الإمام بغير ياء، وأجمع الناس على الاستواء في نفس الْمَسْجِدِ الْحَرامِ واختلفوا في مكة، فذهب عمر بن الخطاب وابن عباس ومجاهد وجماعة معهم إلى أن
الأمر كذلك في دور مكة وأن القادم له النزول حيث وجد، وعلى رب المنزل أن يؤويه شاء أو أبى، وقال: ذلك سفيان الثوري وغيره، وكذلك كان الأمر في الصدر الأول، قال ابن سابط: وكانت دورهم بغير أبواب حتى كثرت السرقة فاتخذ رجل بابا فأنكر عليه عمر وقال: أتغلق بابا في وجه حاج بيت الله؟ فقال: إنما أردت حفظ متاعهم من السرقة، فتركه فاتخذ الناس الأبواب، وقال جمهور من الأمة منهم مالك: ليست الدور كالمسجد ولأهلها الامتناع بها والاستبداد، وعلى هذا هو العمل اليوم، وهذا الاختلاف الأول متركب على الاختلاف في مكة هل هي عنوة كما روي عن مالك والأوزاعي، أو صلح كما روي عن الشافعي، فمن رآها صلحا فإن الاستواء في المنازل عنده بعيد، ومن رآها عنوة أمكنه أن يقول الاستواء فيها، قرره الأئمة الذين لم يقطعوها أحدا وإنما سكنى من سكن من قبل نفسه.
قال القاضي أبو محمد: وظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم «وهل ترك لنا عقيل منزلا» ، يقتضي أن لا استواء وأنها متملكة ممنوعة على التأويلين في قوله عليه السلام لأنه تؤول بمعنى أنه ورث جميع منازل أبي طالب وغيره، وتؤول بمعنى أنه باع منازل بني هاشم حين هاجروا ومن الحجة لتملك أهلها دورهم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اشترى من صفوان بن أمية دارا للسجن بأربعة آلاف، ويصح مع ذلك أن يكون الاستواء في وقت الموسم للضرورة والحاجة فيخرج الأمر حينئذ عن الاعتبار بالعنوة والصلح، وقوله تعالى: بِإِلْحادٍ قال أبو عبيدة الباء زائدة ومنه قول الشاعر:
ضمنت برزق عيالنا أرماحنا وهذا كثير ويجوز أن يكون التقدير وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ الناس بِإِلْحادٍ و «الإلحاد» الميل، وهذا الإلحاد والظلم يجمع جميع المعاصي من الكفر إلى الصغائر، فلعظم حرمة المكان توعد الله تعالى على نية السيئة فيه، ومن نوى سيئة ولم يعملها لم يحاسب بذلك إلا في مكة، هذا قول ابن مسعود وجماعة من الصحابة وغيرهم، وقال ابن عباس:«الإلحاد» في هذه الآية الشرك، وقال أيضا: هو استحلال الحرام وحرمته، وقال مجاهد: هو العمل السيّء فيه، وقال عبد الله بن عمرو: قول لا والله وبلى والله بمكة من الإلحاد، وقال حبيب بن أبي ثابت: الحكرة بمكة من الإلحاد بالظلم. ع. والعموم يأتي على هذا كله، وقرأت فرقة «ومن يرد» من الورود حكاه الفراء، والأول أبين وأعم وأمدح للبقعة، ومَنْ شرط جازمة للفعل وذلك منع من عطفها على الَّذِينَ والله المستعان.