للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون من التناؤش الذي تقدم تفسيره وهمزت الواو لما كانت مضمونة وكانت ضمتها لازمة، كما قالوا أقتت وغير ذلك، ويحتمل أن يكون من الطلب، تقول اتناشت الشيء إذا طلبته من بعد، وقال ابن عباس تناؤش الشيء رجوعه حكاه عنه ابن الأنباري وأنشد: [الوافر]

تمنى أن تؤوب إليك ميّ ... وليس إلى تناوشها سبيل

فكأنه قال في الآية: وأنى لهم طلب مرادهم وقد بعد، قال مجاهد المعنى من الآخرة إلى الدنيا، وقرأ جمهور الناس «ويقذفون» بفتح الياء وكسر الذال على إسناد الفعل إليهم، أي يرجمون بظنونهم ويرمون بها الرسل وكتاب الله، وذلك غيب عنهم في قولهم سحر وافتراء وغير ذلك، قاله مجاهد، وقال قتادة قذفهم بالغيب هو قولهم لا بعث ولا جنة ولا نار، وقرأ مجاهد «ويقذفون» بضم الياء وفتح الذال على معنى ويرجمهم الوحي بما يكرهون من السماء، وقوله وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ قال الحسن معناه من الإيمان والتوبة والرجوع إلى الإتابة والعمل الصالح، وذلك أنهم اشتهوه في وقت لا تنفع فيه التوبة، وقاله أيضا قتادة، وقال مجاهد معناه وحيل بينهم وبين نعيم الدنيا ولذاتها، وقيل حيل بينهم وبين الجنة ونعيمها، وهذا يتمكن جدا على القول بأن الأخذ والفزع المذكورين هو في يوم القيامة، وقوله كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ الأشياع الفرق المتشابهة، فأشياع هؤلاء هم الكفرة من كل أمة، وهو جمع شيعة، وشيع، وقوله مِنْ قَبْلُ يصلح على بعض الأقوال المتقدمة تعلقه بفعل، ويصلح على قول من قال إن الفزع هو في يوم القيامة تعلقه بِأَشْياعِهِمْ أي بمن اتصف بصفتهم من قبل في الزمن الأول، لأن ما يفعل بجميعهم إنما هو في وقت واحد. لا يقال فيه مِنْ قَبْلُ، و «الشك المريب» أقوى ما يكون من الشك وأشده إظلاما.

<<  <  ج: ص:  >  >>