على أنثى بقر الوحش، وعلى أنثى الضأن، وتعبر العرب بها عن المرأة، وكذلك بالشاة، قال الأعشى:
[الكامل]
فرميت غفلة عينه عن شاته ... فأصبت حبة قلبها وطحالها
أراد عن امرأته، وفي قراءة ابن مسعود: «وتسعون نعجة أنثى» . وقرأ حفص عن عاصم: «ولي» بفتح الياء. وقرأ الباقون بسكونها، وهما حسنان. وقرأ الحسن والأعرج: «نعجة» بكسر النون، والجمهور على فتحها. وقرأ الحسن: «تسع وتسعون» بفتح التاء فيهما وهي لغة.
وقوله: أَكْفِلْنِيها أي ردها في كفالتي، وقال ابن كيسان، المعنى: اجعلها كفلي، أي نصيبي.
وَعَزَّنِي: معناه غلبني، ومنه قول العرب: من عزبز، أي من غلب سلب وقرأ أبو حيوة: «وعزني» بتخفيف الزاي. قال أبو الفتح: أراد عززني، فحذف الزاي الواحدة تخفيفا كما قال أبو زيد:
أحسن به فهن إليه شوس قال أبو حاتم: ورويت «عزني» بتخفيف الزاي عن عاصم. وقرأ ابن مسعود وأبو الضحى وعبيد بن عمير: «وعازني» ، أي غالبني.
ومعنى قوله: فِي الْخِطابِ كان أوجه مني وأقوى، فإذا خاطبته كان كلامه أقوى من كلامي، وقوته أعظم من قوتي، فيروى أن داود عليه السلام لما سمع هذه الحجة قال للآخر: ما تقول؟ فأقر وألد، فقال له داود: لئن لم ترجع إلى الحق لأكسرن الذي فيه عيناك. وقال للثاني: لقد ظلمك، فتبسما عند ذلك، وذهبا ولم يرهما لحينه، فشعر حينئذ للأمر. وروي أنهما ذهبا نحو السماء بمرأى منه. وقيل بل بينا فعله في تلك المرأة وزوجها، وقالا له: إنما نحن مثال لك. وقال بعض الناس: إن داود قال: لقد ظلمك، قبل أن يسمع حجة الآخر، وهذه كانت خطيئة ولم تنزل به هذه النازلة المروية قط.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق ابن عطية رضي الله عنه: وهذا ضعيف من جهات، لأنه خالف متظاهر الروايات، وأيضا فقوله: لَقَدْ ظَلَمَكَ إنما معناه إن ظهر صدقك ببينة أو باعتراف، وهذا من بلاغة الحاكم التي ترد المعوج إلى الحق، وتفهمه ما عند القاضي من الفطنة. وقال الثعلبي: كان في النازلة اعتراف من المدعى عليه حذف اختصارا، ومن أجله قال داود: لَقَدْ ظَلَمَكَ.
وقوله عليه السلام: «لقد ظلمت بسؤال نعجتك» أضاف الضمير إلى المفعول، والْخُلَطاءِ الأشراك والمتعاقبون في الأملاك والأمور، وهذا القول من داود وعظ وبسط لقاعدة حق ليحذر من الوقوع في خلاف الحق. وما في قوله: وَقَلِيلٌ ما هُمْ زائدة مؤكدة.
وقوله تعالى: وَظَنَّ داوُدُ معناه: شعر للأمر وعلمه. وقالت فرقة: ظَنَّ هنا بمعنى أيقن.
قال القاضي أبو محمد: والظن أبدا في كلام العرب إنما حقيقته توقف بين معتقدين يغلب أحدهما على الآخر، وتوقعه العرب على العلم الذي ليس على الحواس ولا له اليقين التام، ولكن يخلط الناس في