امتحنهم بمحن كما امتحن أيوب، ولم يذكر إسماعيل لأنه ممن لم يمتحن، وهذا ضعيف كله وقرأ الجمهور:«أولي الأيدي» .
وقرأ الحسن والثقفي والأعمش وابن مسعود:«أولي الأيد» ، بحذف الياء، فأما أولو فهو جمع ذو، وأما القراءة الأولى ف «الأيدي» فيها عبارة عن القوة في طاعة الله، قاله ابن عباس ومجاهد، وقالت فرقة بل هي عبارة عن القوة في طاعة الله، قاله ابن عباس ومجاهد، وقالت فرقة بل هي عبارة عن إحسانهم في الدين وتقديمهم عند الله تعالى أعمال صدق، فهي كالأيادي. وقالت فرقة: بل معناه: أولي الأيد والنعم التي أسداها الله إليهم من النبوءة والمكانة. وقال قوم المعنى: أيدي الجوارح، والمراد الأيدي المتصرفة في الخير والأبصار الثاقبة فيه، لا كالتي هي منهملة في جل الناس، وأما من قرأ «الأيد» دون ياء فيحتمل أن يكون معناها معنى القراءة بالياء وحذفت تخفيفا، ومن حيث كانت الألف واللام تعاقب التنوين وجب أن تحذف معها كما تحذف مع التنوين. وقالت فرقة: معنى «الأيدي» ، القوة، والمراد طاعة الله تعالى.
وقوله تعالى: وَالْأَبْصارِ عبارة عن البصائر، أي يبصرون الحقائق وينظرون بنور الله تعالى، وبنحو هذا فسر الجميع.
وقرأ نافع وحده:«إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار» على إضافة «خالصة» إلى ذِكْرَى، وهي قراءة أبي جعفر والأعرج وشيبة. وقرأ الباقون والناس:«بخالصة ذكر الدار» على تنوين «خالصة» ، وقرأ الأعمش:«بخالصتهم ذكر الدار» ، وهي قراءة طلحة.
وقوله: بِخالِصَةٍ يحتمل أن يكون خالصة اسم فاعل كأنه عبر بها عن مزية أو رتبة، فأما من أضافها إلى «ذكرى» ، ف ذِكْرَى مخفوض بالإضافة، ومن نون «خالصة» ، ف ذِكْرَى بدل من «خالصة» ، ويحتمل قوله: بِخالِصَةٍ أن يكون «خالصة» مصدرا كالعاقبة وخائنة الأعين وغير ذلك، ف ذِكْرَى على هذا ما أن يكون في موضع نصب بالمصدر على تقدير: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بأن أخلصنا لهم ذكرى الدار، ويكون «خالصة» مصدرا من أخلص على حذف الزوائد، وإما أن يكون ذِكْرَى في موضع رفع بالمصدر على تقدير إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بأن خلصت لهم ذكرى الدار، وتكون «خالصة» من خلص.
والدَّارِ في كل وجه في موضع نصب ب ذِكْرَى، وذِكْرَى مصدر، وتحتمل الآية أن يريد ب الدَّارِ دار الآخرة على معنى أَخْلَصْناهُمْ، بأن خلص لهم التذكير بالدار الآخرة ودعاء الناس إليها وحضهم عليها، وهذا قول قتادة، وعلى معنى خلص لهم ذكرهم للدار الآخرة وخوفهم لها والعمل بحسب قول مجاهد. وقال ابن زيد: المعنى إنا وهبناهم أفضل ما في الدار الآخرة وأخلصناهم به وأعطيناهم إياه، ويحتمل أن يريد ب الدَّارِ دار الدنيا على معنى ذكر الثناء والتعظيم من الناس والحمد الباقي الذي هو الخلد المجازي، فتجيء الآية في معنى قوله: لِسانَ صِدْقٍ [مريم: ٥٠، الشعراء: ٨٤] وفي معنى قوله: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ [الصافات: ٧٨، ١٠٨، ١١٩، ١٢٩] . والْمُصْطَفَيْنَ أصله:
المصطفيين، تحركت الياء وما قبلها مفتوح فانقلبت ألفا، ثم اجتمع سكون الألف وسكون الياء التي هي علامة الجمع، فحذفت الألف. والْأَخْيارِ جمع خير، وخير: مخفف من خير كميت وميت.