الخطاب عام و «ما» بمعنى الذي، وحَلالًا حال من الضمير العائد على «ما» ، وقال مكي:
نعت لمفعول محذوف تقديره شيئا حلالا.
قال القاضي أبو محمد: وهذا يبعد، وكذلك مقصد الكلام لا يعطي أن يكون حَلالًا مفعولا ب كُلُوا وتأمل، وطَيِّباً نعت، ويصح أن يكون طَيِّباً حالا من الضمير في كُلُوا تقديره مستطيبين، والطيب عند مالك: الحلال، فهو هنا تأكيد لاختلاف اللفظ، وهو عند الشافعي: المستلذ، ولذلك يمنع أكل الحيوان القذر وكل ما هو خبيث، وخُطُواتِ جمع خطوة وهي ما بين القدمين في المشي، فالمعنى النهي عن اتباع الشيطان وسلوك سبله وطرائقه، قال ابن عباس: خطواته أعماله، قال غيره: آثاره، قال مجاهد: خطاياه، قال أبو مجلز: هي النذور والمعاصي، قال الحسن: نزلت فيما سنوه من البحيرة والسائبة ونحوه، قال النقاش: نزلت في ثقيف وخزاعة وبني الحارث بن كعب.
وقرأ ابن عامر والكسائي «خطوات» بضم الخاء والطاء، ورويت عن عاصم وابن كثير بخلاف، وقرأ الباقون بسكون الطاء، فإما أرادوا ضم الخاء والطاء وخففوها إذ هو الباب في جمع فعلة كغرفة وغرفات، وإما أنهم تركوها في الجمع على سكونها في المفرد، وقرأ أبو السمال «خطوات» بفتح الخاء والطاء وروي عن علي بن أبي طالب وقتادة والأعمش وسلام «خطؤات» بضم الخاء والطاء وهمزة على الواو، وذهب بهذه القراءة إلى أنها جمع خطأة من الخطأ لا من الخطو. وكل ما عدا السنن والشرائع من البدع والمعاصي فهي خطوات الشيطان، وعَدُوٌّ يقع للمفرد والتثنية والجمع.
وقوله تعالى: إِنَّما يَأْمُرُكُمْ الآية، إِنَّما تصلح للحصر، وقد تجيء غير حاصرة بل للمبالغة كقولك «إنما الشجاع عنترة» ، كأنك تحاول الحصر أو توهمه، فإنما يعرف معنى إِنَّما بقرينة الكلام الذي هي فيه، فهي في هذه الآية حاصرة، وأمر الشيطان إما بقوله في زمن الكهنة وحيث يتصور، وإما بوسوسته، فإذا أطيع نفذ أمره.
و «السوء» مصدر من ساء يسوء فهي المعاصي وما تسوء عاقبته، والْفَحْشاءِ قال السدي: هي الزنا، وقيل: كل ما بلغ حدا من الحدود لأنه يتفاحش حينئذ، وقيل: ما تفاحش ذكره، وأصل الفحش قبح المنظر كما قال امرؤ القيس:[الطويل]
وجيد كجيد الرّئم ليس بفاحش ... إذا هي نصّته ولا بمعطّل
ثم استعملت اللفظة فيما يستقبح من المعاني، والشرع هو الذي يحسن ويقبح، فكل ما نهت عنه الشريعة فهو من الفحشاء، وما لا تَعْلَمُونَ: قال الطبري: يريد به ما حرموا من البحيرة والسائبة ونحوها وجعلوه شرعا.