وهو قتل المرأة الكافرة التي كانت تؤذي النبي عليه السلام. وعظم قصة فرعون وقومه يجيء بحسبها جمال الوصف وبهاء العبارة في قوله: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ومن نحو هذا أن يعكس قول جرير:
[الكامل]
لما أتى خبر الزبير تواضعت ... سور المدينة والجبال الخشع
فيقال في تحقير: مات فلان فما خشعت الجبال، ونحو هذا، وفي الحديث عن النبي عليه السلام أنه قال: «ما مات مؤمن في غربة غاب عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض» ، ثم قرأ هذه الآية، وقال: «إنهما لا يبكيان على كافر» . ومن التفخيم ببكاء المخلوقات العظام قول يزيد بن مفرغ [مجزوء الكامل] :
الريح تبكي شجوه ... والبرق يلمع في غمامه
وقول الفرزدق:
فالشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
و: مُنْظَرِينَ معناه: مؤخرين وممهلين.
ثم ذكر تعالى نعمته على بني إسرائيل في إنجائهم من فرعون وقومه، والْعَذابِ الْمُهِينِ هو ذبح الأبناء والتسخير في المهن كالبنيان والحفر وغيره.
وفي قراءة ابن مسعود: «من عذاب المهين» ، بسقوط التعريف بالألف واللام من العذاب.
وقوله: مِنْ فِرْعَوْنَ بدل من قوله: مِنَ الْعَذابِ. و: «من» بكسر الميم هي قراءة الجمهور.
وروى قتادة أن ابن عباس كان يقرأها «من» بفتح الميم «فرعون» برفع النون.
وقوله: عَلى عِلْمٍ أي على شيء سبق عندنا فيهم وثبت في علمنا أنه سينفذ. وقوله: عَلَى الْعالَمِينَ يريد على جميع الناس، هذا على التأويل المتقدم في العلم. والمعنى: لقد اخترناها لهذا الإنجاء وهذه النعم على سابق علم لنا فيهم وخصصناهم بذلك دون العالم، ويحتمل قوله: عَلى عِلْمٍ أن يكون معناه: على علم وفضائل فيهم، والمعنى: اخترناهم للنبوءات والرسالات، فيكون قوله: عَلَى الْعالَمِينَ في هذا التأويل، معناه: على عالم زمانهم، وذلك بدليل فضل أمة محمد لهم وعليهم، وأن أمة محمد خير أمة أخرجت للناس.
وقوله تعالى: وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ لفظ جامع لمعجزات موسى وللعبر التي ظهرت في قوم فرعون من الجراد والقمل والضفادع وغير ذلك، ولما أنعم به على بني إسرائيل من تظليل الغمام والمن والسلوى وغير ذلك، فإن لفظ الْآياتِ يعم جميع هذا. والبلاء في هذا الموضع: الامتحان والاختبار، وهذا كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ [الأنبياء: ٣٥] و: مُبِينٌ بمعنى بين.
ثم ذكر تعالى قريشا وحكى عنهم على جهة الإنكار لقولهم حين أنكروا فيه ما هو جائز في العقل