وقرأ حمزة والكسائي: «آيات» بالنصب في الموضعين الآخرين. وقرأ الباقون والجمهور: «آيات» بالرفع فيهما، فأما من قرأ بالنصب فحمل «آيات» في الموضعين على نصب إِنَّ في قوله إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ولا يعرض في ذلك العطف على عاملين الذي لا يجيزه سيبويه وكثير من النحويين، لأنا نقدر فِي معادة في قوله: وَاخْتِلافِ وكذلك هي في مصحف ابن مسعود: «وفي اختلاف» ، فكأنه قال على قراءة الجمهور: «وفي اختلاف الليل» ، وذلك أن ذكرها قد تقدم في قوله:
وَفِي خَلْقِكُمْ فلما تقدم ذكر الجار جاز حذفه من الثاني، ويقدر مثبتا كما قدر سيبويه في قول الشاعر [أبو دؤاد الأيادي] : [المتقارب]
أكل امرئ تحسبين امرأ ... ونار توقد بالليل نارا
أي وكل نار، وكما قال الآخر: [الرجز]
أوصيت من برة قلبا حرّا ... بالكلب خيرا والحماة شرّا
أي وبالحمأة، وهذا الاعتراض كله إنما هو في آياتٌ الثاني، لأن الأول قبله حرف الجر ظاهر.
وفي قراءة أبي بن كعب وابن مسعود في الثلاثة المواضع: «لآيات» . قال أبو علي: وهذا يدل على أن الكلام محمول على أن في قراءة من أسقط اللامات في الاثنين الآخرين، وأما من رفع «آيات» في الموضعين فوجهه العطف على موضع إِنَّ وما عملت فيه، لأن موضعها رفع بالابتداء، ووجه آخر وهو أن يكون قوله: وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مستأنفا، ويكون الكلام جملة معطوفة على جملة، وقال بعض الناس: يجوز أن يكون جملة في موضع الحال فلا تكون غريبة على هذا.
وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إما بالنور والظلام، وإما بكونهما خلفة. والرزق المنزل من السماء: هو المطر، سماه رزقا بمآله، لأن جميع ما يرتزق فعن المطر هو. وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ هو بكونها صبا ودبورا وجنوبا وشمالا، وأيضا فبكونها مرة رحمة ومرة عذابا، قاله قتادة، وأيضا بلينها وشدتها وبردها وحرها.
وقرأ طلحة وعيسى: «وتصريف الريح» بالإفراد، وكذلك في جميع القرآن إلا ما كان فيه مبشرات وخالف عيسى في الحجر فقرأ: الرِّياحَ لَواقِحَ [الحجر: ٢٢] .
وقوله: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ إشارة إلى ما ذكر. وقوله: نَتْلُوها فيه حذف مضاف، أي يتلو شأنها وتفسيرها وشرح العبرة لها، ويحتمل أن يريد ب آياتُ اللَّهِ القرآن المنزل في هذه المعاني فلا يكون في نَتْلُوها حذف مضاف. وقوله: بِالْحَقِّ معناه: بالصدق والإعلام بحقائق الأمور في أنفسها. وقوله:
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ الآية توبيخ وتقريع، وفيه قوة التهديد.
وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وأبو جعفر والأعرج وشيبة وقتادة: «يؤمنون» بالياء من تحت.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم أيضا والأعمش «تؤمنون» بالتاء على مخاطبة الكفار. وقرأ طلحة بن مصرف: «توقنون» بالتاء من فوق من اليقين.