المعنى قال لهم هود: إن هذا الوعيد ليس من قبلي، وإنما الأمر إلى الله وعلم وقته عنده، وإنما عليّ أن أبلغ فقط.
وقرأ جمهور الناس: «وأبلّغكم» بفتح الباء وشد اللام. قال أبو حاتم: وقرأ أبو عمرو في كل القرآن بسكون الباء وتخفيف اللام.
و: أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ أي مثل هذا من أمر الله تعالى وتجهلون خلق أنفسكم. والضمير في:
رَأَوْهُ يحتمل أن يعود على العذاب، ويحتمل أن يعود على الشيء المرئي الطارئ عليهم، وهو الذي فسره قوله: عارِضاً، والعارض ما يعرض في الجو من السحاب الممطر، ومنه قول الأعشى:
يا من رأى عارضا قد بتّ أرمقه ... كأنما البرق في حافاته الشعل
وقال أبو عبيدة: العارض الذي في أقطار السماء عشيا ثم يصبح من الغد قد استوى. وروي في معنى قوله: مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ أن هؤلاء القوم كانوا قد قحطوا مدة فطلع هذا العارض على الهيئة والجهة التي يمطرون بها أبدا، جاءهم من قبل واد لهم يسمونه المغيث. قال ابن عباس: ففرحوا به وقالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا، وقد كذب هو فيما أوعد به، فقال لهم هود عليه السلام: ليس الأمر كما رأيتم، بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ في قولكم: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا [الأحقاف: ٢٢] ثم قال: رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ.
وفي قراءة ابن مسعود: «قال هود بل هو» بإظهار المقدر، لأن قراءة الجمهور هي كقوله تعالى يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ [الرعد: ٢٣] أي يقولون سلام. قال الزجاج وقرأ قوم: «ما استعجلتم» بضم التاء الأولى وكسر الجيم. و: رِيحٌ بدل من المبتدأ في قوله: هُوَ مَا.
و: مُمْطِرُنا هو نعت ل عارِضٌ وهو نكرة إضافته غير محضة، لأن التقدير ممطر لنا في المستقبل، فهو في حكم الانفصال.
وقد مضى في غير هذه السورة قصص الريح التي هبت عليهم، وأنها كانت تحمل الظعينة كجرادة.
و: تُدَمِّرُ معناه: تهلك. والدمار: الهلاك، ومنه قول جرير: [الوافر]
وكان لهم كبكر ثمود لمّا ... رغا دهرا فدمرهم دمارا
وقوله: كُلَّ شَيْءٍ ظاهره العموم ومعناه الخصوص في كل ما أمرت بتدميره، وروي أن هذه الريح رمتهم أجمعين في البحر.
وقرأ جمهور القراء: «لا ترى» أيها المخاطب. وقرأ عاصم وحمزة: «لا يرى» بالياء على بناء الفعل للمفعول «مساكنهم» رفعا. التقدير: لا يرى شيء منهم، وهذه قراءة ابن مسعود وعمرو بن ميمون والحسن بخلاف عنه، ومجاهد وعيسى وطلحة. وقرأ الحسن بن أبي الحسن والجحدري وقتادة وعمرو بن ميمون والأعمش وابن أبي إسحاق وأبو رجاء ومالك بن دينار بغير خلاف عنهما خاصة ممن ذكر: «لا ترى» بالتاء