للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ابتداء والخبر بعده والتقدير فعدة أمثل له، ويصح فعليه عدة، واختلف في وجوب تتابعها على قولين، وأُخَرَ لا ينصرف عند سيبويه لأنه معدول عن الألف واللام لأن هذا البناء إنما يأتي بالألف واللام كما تقول الفضل والكبر فاجتمع فيه العدل والصفة، وجاء في الآية أُخَرَ ولم يجىء أخرى لئلا تشكل بأنها صفة للعدة، والباب أن جمع ما لا يعقل يجري في مثل هذا مجرى الواحدة المؤنثة ومنه قوله تعالى يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ [سبأ: ١٠] ، إلى غير ذلك.

وقرأ جمهور الناس «يطيقونه» بكسر الطاء وسكون الياء والأصل «يطوقونه» نقلت حركة الواو إلى الطاء وقلبت ياء لانكسار ما قبلها، وقرأ حميد «يطوقونه» وذلك على الأصل، والقياس الإعلال.

وقرأ ابن عباس «يطوقونه» بمعنى يكلفونه.

وقرأت عائشة وطاوس وعمرو بن دينار «يطوقونه» بفتح الياء وشد الطاء مفتوحة.

وقرأت فرقة «يطيّقونه» بضم الياء وفتح الطاء وشد الياء المفتوحة.

وقرأ ابن عباس «يطيّقونه» بفتح الياء وشد الطاء وشد الياء المفتوحة بمعنى يتكلفونه، وحكاها النقاش عن عكرمة، وتشديد الياء في هذه اللفظة ضعيف.

وقرأ نافع وابن عامر من طريق ابن ذكوان «فدية طعام مساكين» بإضافة الفدية.

وقرأ هاشم عن ابن عامر «فدية طعام مساكين» بتنوين الفدية.

وقرأ الباقون «فدية» بالتنوين «طعام مسكين» بالإفراد، وهي قراءة حسنة لأنها بينت الحكم في اليوم، وجمع المساكين لا يدرى كم منهم في اليوم إلا من غير الآية.

قال أبو علي: «فإن قلت كيف أفردوا المساكين والمعنى على الكثرة لأن الذين يطيقونه جمع وكل واحد منهم يلزمه مسكين فكان الوجه أن يجمعوا كما جمع المطيقون؟، فالجواب أن الإفراد حسن لأنه يفهم بالمعنى أن لكل واحد مسكينا، ونظير هذا قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً [النور: ٤] فليست الثمانون متفرقة في جميعهم بل لكل واحد ثمانون.

واختلف المتأولون في المراد بالآية فقال معاذ بن جبل وعلقمة والنخعي والحسن البصري وابن عمر والشعبي وسلمة بن الأكوع وابن شهاب: كان فرض الصيام هكذا على الناس من أراد صام ومن أراد أطعم مسكينا وأفطر، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: ١٨٥] .

وقالت فرقة: وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ أي على الشيوخ والعجّز، الذين يطيقون، لكن بتكلف شديد فأباح الله لهم الفدية والفطر، وهي محكمة عند قائلي هذا القول. وعلى هذا التأويل تجيء قراءة يطوقونه و «يطوقونه» .

وقال ابن عباس: «نزلت هذه الرخصة للشيوخ والعجّز خاصة إذا أفطروا وهم يطيقون الصوم ثم نسخت بقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: ١٨٥] ، فزالت الرخصة إلا لمن عجز منهم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>