ليست لها عرى، والإبريق ما له خرطوم، وقال مجاهد وأذن، وهو من أواني الخمر عند العرب، ومنه قول عدي بن زيد:[الخفيف]
وتداعوا إلى الصبوح فقامت ... قينة في يمينها إبريق
والكأس: الآنية المعدة للشرب بها بشريطة أن يكون فيها خمر أو نبيذ أو ما هو سبيل ذلك، ومتى كان فارغا فينسب إلى جنسه زجاجا كان أو غيره، ولا يقال الآنية فيها ماء ولبن كأس.
وقوله: مِنْ مَعِينٍ قال ابن عباس معناه: من خمر سائلة جارية معينة. ولفظة مَعِينٍ يحتمل أن يكون من معن الماء إذا غزر، فوزنها فعيل ويحتمل أن تكون من العين الجارية أو من الباصرة، فوزنها مفعول أصلها معيون، وهذا تأويل قتادة.
وقوله: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها ذهب أكثر المفسرين إلى أن المعنى: لا يلحق رؤوسهم الصداع الذي يلحق من خمر الدنيا، وقال قوم معناه: لا يفرقون عنها، بمعنى لا تقطع عنهم لذتهم بسبب من الأسباب كما يفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق، وهذا كما قال:«فتصدع السحاب عن المدينة» الحديث.
وقوله: وَلا يُنْزِفُونَ قال مجاهد وقتادة وابن جبير والضحاك معناه: لا تذهب عقولهم سكرا، والنزيف: السكران، ومنه قول الشاعر:[الكامل] شرب النزيف ببرد ماء الحشرج وقرأ ابن أبي إسحاق: «ولا ينزفون» بكسر الزاي وفتح الياء، من نزف البئر إذا استقى ماءها، فهي بمعنى تم خمرهم ونفدت، هكذا قال أبو الفتح. وحكى أبو حاتم عن ابن أبي إسحاق والجحدري والأعمش وطلحة وابن مسعود وأبي عبد الرحمن وعيسى: بضم الياء وكسر الزاي. قال معناه: لا يفني شرابهم، والعرب تقول: أنزف الرجل عبرته، وتقول أيضا، أنزف: إذا سكر، ومنه قول الأبيرد:[الطويل]
لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم ... لبيس الندامى أنتم آل أبجرا
وعطف الفاكهة على الكأس والأباريق.
وقوله: مِمَّا يَشْتَهُونَ روي فيه أن العبد يرى الطائر يطير فيشتهيه فينزل له كما اشتهاه، وربما أكل منه ألوانا بحسب تصرف شهوته، إلى كثير مما روي في هذا المعنى.
وقرأ حمزة والكسائي والمفضل عن عاصم:«وحور عين» بالخفض، وهي قراءة الحسن وأبي عبد الرحمن والأعمش وأبي القعقاع وعمرو بن عبيد. وقرأ أبيّ بن كعب وابن مسعود:«وحورا عينا» بالنصب. وقرأ الباقون من السبعة:«وحور عين» بالرفع، وكل هذه القراءات محمولة الإعراب على المعنى لا على اللفظ. كأن المعنى قبل ينعمون بهذا كله وب «حور عين» ، وهذا المعنى في قراءة النصب ويعطون هذا كله «وحورا عينا» ، وكان المعنى في الرفع: لهم هذا كله «وحور عين» ، ويجوز أن يعطف: وَحُورٌ على الضمير في: مُتَّكِئِينَ. قال أبو علي: ولم يؤكد لكون الكلام بدلا من التأكيد، ويجوز أن يعطف