يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ [الفتح: ٢٩] لكن معنى هذه الآية: أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ زرعا يتم أَمْ نَحْنُ. وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقولن زرعت، ولكن قل حرثت» ، ثم تلا أبو هريرة هذه الآية.
والحطام: اليابس المتفتت من النبات الصائر إلى ذهاب، وبه شبه حطام الدنيا. وقيل المعنى: نبتا لا قمح فيه و: تَفَكَّهُونَ قال ابن عباس ومجاهد وقتادة معناه: تعجبون، وقال عكرمة: تلامون. وقال الحسن معناه: تندمون وقال ابن زيد: تتفجهون، وهذا كله تفسير لا يخص اللفظة، والذي يخص اللفظ، هو: تطرحون الفاكهة عن أنفسكم وهي المسرة والجدل، ورجل فكه إذا كان منبسط النفس غير مكترث بالشيء، وتفكه من أخوات تحرج وتحوب.
وقرأ الجمهور: «فظلتم» بفتح الظاء، وروى سفيان الثوري في قراءة عبد الله كسر الظاء. قال أبو حاتم: طرحت عليها حركة اللام المجزومة، وذلك رديء في القياس، وهي قراءة أبو حيوة. وروى أحمد بن موسى: «فظللتم» بلامين، الأولى مفتوحة عن الجحدري، ورويت عن ابن مسعود، بكسر اللام الأولى.
وقوله: إِنَّا لَمُغْرَمُونَ قبله حذف تقديره: يقولون.
وقرأ الأعمش وعاصم الجحدري: «أإنا لمغرمون» بهمزتين على الاستفهام، والمعنى يحتمل أن يكون إنا لمعذبون من الغرام وهو أشد العذاب ومنه قوله تعالى: إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً [الفرقان: ٦٥] ومنه قول الأعشى: [الخفيف]
إن يعذّب يكن غراما وإن يع ... ط جزيلا فإنه لا يبالي
ويحتمل أن يكون: إنا لمحملون الغرم أي غرمنا في النفقة وذهب زرعنا، تقول: غرم الرجل وأغرمته فهو مغرم. وقد تقدم تفسير المحروم وأنه المحدود والمحارب. و: الْمُزْنِ السحاب بلا خلاف، ومنه قول الشاعر [السموأل بن عاديا اليهودي] : [الطويل]
ونحن كماء المزن ما في نصابنا ... كهام ولا فينا يعد بخيل
والأجاج: أشد المياه ملوحة، وهو ماء البحر الأخضر. و: تُورُونَ معناه: تقتدحون من الأزند، تقول أوريت النار من الزناد. وروى الزناد نفسه، والزناد قد يكون من حجرين ومن حجر وحديدة ومن شجر، لا سيما في بلاد العرب، ولا سيما في الشجر الرخو كالمرخ والعفار والكلح وما أشبهه، ولعادة العرب في أزنادهم من شجر، قال تعالى: أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها وقال بعض أهل النظر: أراد بالشجرة نفس النار، وكأنه يقول نوعها أو جنسها فاستعار الشجرة لذلك.
قال القاضي أبو محمد: وهذا قول فيه تكلف.
وقرأ الجمهور: «آنتم» بالمد، وروي عن أبي عمرو وعيسى: «أنتم» بغير مد، وضعفها أبو حاتم.
و: تَذْكِرَةً معناه: تذكر نار جهنم، قاله مجاهد وقتادة. والمتاع: ما ينتفع به. والمقوي في هذه