الحافظة لأنسابكم، وطلقوا على السنة تجدوا المخلص إن ندمتم فإنكم لا تدورن لعل الرجعة تكون بعد، والإحداث في هذه الآية بين التوجه عبارة عما يوجد من التراجع، وجوز قوم أن يكون المعنى أَمْراً من النسخ، وفي ذلك بعد، وقوله تعالى: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ يريد به آخر القروء، و «الإمساك بالمعروف» :
هو حسن العشرة في الإنفاق وغير ذلك، و «المفارقة بالمعروف» : هو أداء المهر والتمتيع ودفع جميع الحقوق والوفاء بالشروط وغير ذلك حسب نازلة، وقوله تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ يريد على الرجعة، وذلك شرط في صحة الرجعة، وللمرأة منع الزوج من نفسها حتى يشهد، وقال ابن عباس المراد على الرجعة، والطلاق، لأن الإشهاد يرفع من النوازل إشكالات كثيرة، وتقييد تاريخ الإشهاد من الإشهاد، وقال النخعي: العدل: من لم تظهر منه ريبة، وهذا قول الفقهاء، والعدل حقيقة الذي لا يخاف إلا الله، وقوله تعالى: أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ أمر للشهود، وقوله تعالى: ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ إشارة إلى إقامة الشهادة، وذلك أن جميع فصول الأحكام والأمور فإنما تدور على إقامة الشهادة، وقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ. قال علي بن أبي طالب وكثير من المتأولين نفي من معنى الطلاق، أي ومن لا يتعدى في الطلاق السنة إلى طلاق الثلاث وغير ذلك يجعل الله له مخرجا إن ندم بالرجعة المباحة ويرزقه ما يطعم أهله ويوسع عليه، ومن لا يتق الله فربما طلق وبت وندم، فلم يكن له مخرج وزال عليه رزق زوجته. وقد فسر ابن عباس نحو هذا فقال للمطلق ثلاثا: أنت لم تتق الله فبانت منك امرأتك ولا أرى لك مخرجا. وقال ابن عباس أيضا معنى: يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً يخلصه من كرب الدنيا والآخرة، واختلف في ألفاظ رواية هذه القصة، قال ابن عباس للمطلق، لكن هذا هو المعنى، وقال بعض رواة الآثار: نزلت هذه الآية في عوف بن مالك الأشجعي وذلك أنه أسر ولده وقدر عليه رزقه، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بالتقوى، فقيل: لم يلبث أن تفلت ولده وأخذ قطيع غنم للقوم الذين أسروه، وجاء أباه، فسأل عوف رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتطيب له تلك الغنم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. ونزلت الآية في ذلك. وقوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، الآيات كلها عظة لجميع الناس، والحسب: الكافي المرضي، وقال ابن مسعود هذه أكثر الآيات حضّا على التفويض، وروي أن رجلا قال لعمر: ولّني مما ولاك الله، فقال له عمر: أتقرأ القرآن؟ قال: لا.
قال: فأنا لا أولي من لا يقرأ القرآن. فتعلم الرجل رجاء الولاية، فلما حفظ كثيرا من القرآن تخلف عن عمر فلقيه يوما فقال له عمر ما أبطأ بك؟ قال له تعلمت القرآن، فأغناني الله تعالى عن عمر وعن بابه. ثم قرأ هذه الآيات من هذه السورة. وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ بيان وحض على التوكل، أي لا بد من نفوذ أمر الله توكلت أيها المرء أو لم تتوكل قاله مسروق. فإن توكلت كفاك وتعجلت الراحة والبركة، وإن لم تتوكل وكلك إلى عجزك وتسخطك، وأمره في الوجهين نافذ، وقرأ داود بن هند ورويت عن أبي عمرو «بالغ أمره» برفع الأمر وحذف مفعول تقدير: بالغ أمره ما شاء، وقرأ جمهور السبعة:«بالغ أمره» بنصب الأمر وقرأ حفص والمفضل عن عاصم: «بالغ أمره» على الإضافة وترك التنوين في: «بالغ» ، ورويت عن أبي عمرو، والأعمش، وهي قراءة طلحة بن مصرف، وقرأ جمهور الناس:«قدرا» بسكون الدال، وقرأ بعض القراء:«قدرا» بفتح الدال وهذا كله حض على التوكل.