الشاهد أنت يا ابن آدم، والمشهود الله تعالى، وقال ابن جبير بالعكس، وتلا: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً [النساء: ٧٩- ١٦٦، الفتح: ٢٨] ، وقال أبو مالك: الشاهد عيسى، والمشهود أمته، قال الله تعالى:
وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً [المائدة: ١١٧] قال ابن المسيب: شاهِدٍ يوم التروية، وَمَشْهُودٍ يوم عرفة، وقال بعض الناس في كتاب النقاش: الشاهد يوم الاثنين والمشهود يوم الجمعة، وذكره الثعلبي، وقال علي بن أبي طالب: الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم النحر، وعنه أيضا: شاهِدٍ يوم القيامة وَمَشْهُودٍ يوم عرفة. وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: شاهِدٍ يوم الجمعة وَمَشْهُودٍ يوم عرفة. قاله علي وأبو هريرة والحسن، وقال إبراهيم النخعي: الشاهد يوم الأضحى والمشهود يوم عرفة.
قال القاضي أبو محمد: ووصف هذه الأيام ب شاهِدٍ لأنها تشهد لحاضريها بالأعمال، والمشهود فيما مضى من الأقوال بمعنى المشاهد بفتح الهاء وقال الترمذي: الشاهد الملائكة الحفظة، والمشهود عليهم الناس، وقال عبد العزيز بن يحيى عند الثعلبي: الشاهد محمد، والمشهود عليهم أمته نحو قوله تعالى: وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً [النساء: ٤١] أي شاهدا، قال: الشاهد الأنبياء: والمشهود عليهم أممهم، وقال الحسن بن الفضل: الشاهد أمة محمد، والمشهود عليهم قوم نوح، وسائر الأمم حسب الحديث المقصود في ذلك، وقال ابن جبير أيضا: الشاهد، الجوارح التي تنطق يوم القيامة فتشهد على أصحابها، والمشهود عليهم أصحابها، وقال بعض العلماء: الشاهد الملائكة المتعاقبون في الأمة، والمشهود قرآن الفجر، وتفسيره قول الله تعالى: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [الإسراء: ٨٧] . وقال بعض العلماء: الشاهد، النجم، والمشهود عليه الليل والنهار، أي يشهد النجم بإقبال هذا وتمام هذا، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: حتى يطلع الشاهد، والشاهد النجم، وقال بعض العلماء: الشاهد الله تعالى والملائكة وأولو العلم، والمشهود به الوحدانية وأن الدين عند الله الإسلام، وقيل الشاهد: مخلوقات الله تعالى، والمشهود به وحدانيته، وأنشد الثعلبي في هذا المعنى قول الشاعر [أبو العتاهية] : [المتقارب]
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه الواحد
وقيل المعنى: فعل الله بهم ذلك لأنهم أهل له، فهو على جهة الدعاء بحسب البشر، لا أن الله يدعو على أحد، وقيل عن ابن عباس معناه: لعن، وهذا تفسير بالمعنى، وقيل هو إخبار بأن النار قتلتهم، قاله الربيع بن أنس، وسيأتي بيانه، واختلف الناس في أَصْحابُ الْأُخْدُودِ، فقيل: هو قوم كانوا على دين كان لهم ملك فزنى بأخته، ثم حمله بعض نسائه على أن يسن في الناس نكاح البنات والأخوات، فحمل الناس على ذلك فأطاعه كثير وعصته فرقة فخذّ لهم أخاديد، وهي حفائر طويلة كالخنادق، وأضرم لهم نارا وطرحهم فيها، ثم استمرت المجوسية في مطيعيه، وقال علي بن أبي طالب: الْأُخْدُودِ، ملك حمير، كان بمزارع من اليمن، اقتتل هو والكفار مع المؤمنين، ثم غلب في آخر الأمر فحرقهم على دينهم إذ أبوا دينه، وفيهم كانت المرأة ذات الطفل التي تلكأت، فقال لها الطفل: امضي في النار فإنك على الحق، وحكى النقاش عن علي رضي الله عنه، أن نبيّ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ كان حبشيا، وأن الحبشة بقية