فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ، وبإزاء قوله وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى قوله وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ، هذا عليه قول من قال إن السَّائِلَ هنا هو السائل عن العلم والدين وليس بسائل المال، وهو قول أبي الدرداء والحسن وغيره، وبإزاء قوله وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى قوله وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ. ومن قال إن السَّائِلَ هو سائل المحتاج وهو قول الفراء عن جماعة، ومعنى فَلا تَنْهَرْ جعلها بإزاء قوله وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى، وجعل قوله وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ بإزاء قوله وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى، وقال إبراهيم بن أدهم نعم القول السؤال يجملون زادنا إلى الآخرة، فَلا تَنْهَرْ، معناه: فرد ردا جميلا إما بعطاء وإما بقول حسن، وفي مصحف ابن مسعود «ووجدك عديما فأغنى» ، وقرأ ابن مسعود والشعبي وإبراهيم التيمي، «فأما اليتيم فلا تكهر» بالكاف، قال الأخفش هي بمعنى القهر، ومنه قول الأعرابي: وقاكم الله سطوة القادر وملكة الكاهر، وقال أبو حاتم لا أظنها بمعنى القهر لأنه قد قال الأعرابي الذي بال في المسجد: فأكهرني النبي صلى الله عليه وسلم فإنها هي بمعنى الإشهار وأمره الله تعالى بالتحدث بالنعمة، فقال مجاهد والكسائي:
معناه: بث القرآن وبلغ ما أرسلت به، وقال آخرون بل هو عموم في جميع النعم، وكان بعض الصالحين يقول: لقد أعطاني الله كذا وكذا، ولقد صليت البارحة كذا وذكرت الله كذا، فقيل له: إن مثلك لا يقول هذا، فقال إن الله تعالى يقول: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ، وأنتم تقولون لا تحدث، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«التحدث بالنعم شكر» ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:«من أسديت إليه نعمة فذكرها فقد شكرها ومن سترها فقد كفرها» ، ونصب الْيَتِيمَ ب تَقْهَرْ والتقدير مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم.