ومصيرها هباء، وهي درجات، والنفش: خلخلة الأجزاء وتفريقها عن تراصها، وفي قراءة ابن مسعود وابن جبير:«كالصوف المنفوش» ، و «الموازين» : هي التي في القيامة، فقال جمهور العلماء والفقهاء والمحدثين: ميزان القيامة بعمود ليبين الله أمر العباد بما عهدوه وتيقنوه، وقال مجاهد: ليس تم ميزان إنما هو العدل مثل ذكره بالميزان إذ هو أعدل ما يدري الناس، وجمعت الموازين للإنسان لما كانت له موزونات كثيرة متغايرة، وثقل هذا الميزان هو بالإيمان والأعمال، وخفته بعدمها وقلتها، ولن يخف خفة موبقة ميزان مؤمن. وعِيشَةٍ راضِيَةٍ معناه: ذات رضى على النسب، وهذا قول الخليل وسيبويه، وقوله تعالى:
فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ قال كثير من المفسرين: المراد بالأم نفس الهاوية، وهي درك من أدراك النار، وهذا كما يقال للأرض: أم الناس لأنها تؤويهم، وكما قال عتبة بن أبي سفيان في الحرب: فنحن بنوها وهي أمنا، فجعل الله الهاوية أم الكافر لما كانت مأواه، وقال آخرون: هو تفاؤل بشر فيه تجوز في أم الولاد، كما قالوا: أمه ثاكل وخوى نجمه وهوى نجمه ونحو هذا، وقال أبو صالح وغيره: المراد أم رأسه لأنهم يهوون على رؤوسهم، وقرأ طلحة:«فإمّه» بكسر الهمزة وضم الميم مشددة، ثم قرر تعالى نبيه على دراية أمرها وتعظيمه ثم أخبره أنها نارٌ حامِيَةٌ، وقرأ:«ما هي» بطرح الهاء في الوصل ابن إسحاق والأعمش، وروى المبرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: لا أم لك، فقال: يا رسول الله، أتدعوني إلى الهدى وتقول: لا أم لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أردت لا نار لك، قال الله تعالى: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ.