العدة، فإن طلق مطلق في طهر قد مس فيه لزمه الطلاق وقد أساء، واعتدت بما بقي من ذلك الطهر. وقول ابن القاسم ومالك: إن المطلقة إذا رأت أول نقطة من الحيضة الثالثة خرجت من العصمة. وهو مذهب زيد بن ثابت وغيره، وقال أشهب: لا تنقطع العصمة والميراث حتى يتحقق أنه دم حيض لئلا يكون دفعة دم من غير الحيض، واختلف المتأولون في المراد بقوله ما خَلَقَ فقال ابن عمر ومجاهد والربيع وابن زيد والضحاك هو الحيض والحبل جميعا، ومعنى النهي عن الكتمان النهي عن الإضرار بالزوج وإذهاب حقه، فإذا قالت المطلقة حضت وهي لم تحض ذهبت بحقه من الارتجاع، وإذا قالت لم أحض وهي قد حاضت ألزمته من النفقة ما لم يلزمه، فأضرت به، أو تقصد بكذبها في نفي الحيض أن لا يرتجع حتى تتم العدة ويقطع الشرع حقه، وكذلك الحامل تكتم الحمل لينقطع حقه من الارتجاع، وقال قتادة:«كانت عادتهن في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحقن الولد بالزوج الجديد ففي ذلك نزلت الآية» ، وقال السدي:«سبب الآية أن الرجل كان إذا أراد أن يطلق امرأته سألها أبها حمل؟
مخافة أن يضر بنفسه وولده في فراقها، فأمرهن الله بالصدق في ذلك» . وقال إبراهيم النخعي وعكرمة:
المراد ب ما خَلَقَ الحيض، وروي عن عمر وابن عباس أن المراد الحبل، والعموم راجح، وفي قوله تعالى: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ ما يقتضي أنهن مؤتمنات على ما ذكر، ولو كان الاستقصاء مباحا لم يكن كتم، وقرأ مبشر بن عبيد «في أرحامهن» بضم الهاء، وقوله إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الآية، أي حق الإيمان فإن ذلك يقتضي أن لا يكتمن الحق، وهذا كما تقول: إن كنت حرا فانتصر، وأنت تخاطب حرا، وقوله وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً، البعل: الزوج، وجمعه على بعولة شاذ لا ينقاس. لكن هو المسموع. وقال قوم: الهاء فيه دالة على تأنيث الجماعة، وقيل: هي هاء تأنيث دخلت على بعول. وبعول لا شذوذ فيه. وقرأ ابن مسعود «بردتهن» بزيادة تاء، وقرأ مبشر بن عبيد «بردهن» بضم الهاء، ونص الله تعالى بهذه الآية على أن للزوج أن يرتجع امرأته المطلقة ما دامت في العدة، والإشارة ب ذلِكَ هي إلى المدة، ثم اقترن بما لهم من الرد شرط إرادة الإصلاح دون المضارة، كما تشدد على النساء في كتم ما في أرحامهن، وهذا بيان الأحكام التي بين الله تعالى وبين عباده في ترك النساء الكتمان وإرادة الرجال الإصلاح، فإن قصد أحد بعد هذا إفسادا أو كتمت امرأة ما في رحمها فأحكام الدنيا على الظاهر، والبواطن إلى الله تعالى يتولى جزاء كل ذي عمل.
وتضعف هذه الآية قول من قال في المولي: إن بانقضاء الأشهر الأربعة تزول العصمة بطلقة بائنة لا رجعة فيها، لأن أكثر ما تعطي ألفاظ القرآن أن ترك الفيء في الأشهر الأربعة هو عزم الطلاق، وإذا كان ذلك فالمرأة من المطلقات اللواتي يتربصن وبعولتهن أحق بردهن.
وقوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ، قال ابن عباس:«ذلك في التزين والتصنع والمؤاتاة» ، وقال الضحاك وابن زيد: ذلك في حسن العشرة وحفظ بعضهم لبعض وتقوى الله فيه، والآية تعم جميع حقوق الزوجية، وقوله وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ قال مجاهد وقتادة: ذلك تنبيه على فضل حظه على حظها في الجهاد والميراث وما أشبهه، وقال زيد بن أسلم وابنه: ذلك في الطاعة، عليها أن تطيعه وليس عليه أن يطيعها، وقال عامر الشعبي: «ذلك الصداق الذي يعطي الرجل، وأنه يلاعن إن قذف وتحد