يكون غير مصدق لما بين يديه من كتاب الله فهو كقول ابن دارة:[البسيط]
أنا ابن دارة معروفا بها نسبي ... وهل بدارة يا للناس من عار؟
وما بين يديه هي التوراة والإنجيل وسائر كتب الله التي تلقيت من شرعنا كالزبور والصحف، وما بين اليد في هذه الحوادث هو المتقدم في الزمن.
والتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ اسمان أصلهما عبراني لكن النحاة وأهل اللسان حملوها على الاشتقاق العربي فقالوا في التوراة: إنها من ورى الزناد يري إذا قدح وظهرت ناره يقال أوريته فوري، ومنه قوله تعالى: فَالْمُورِياتِ [العاديات: ٢] وقوله: أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ [الواقعة: ٧٠] قال أبو علي، فأما قولهم: وريت بك زنادي على وزن، فعلت فزعم أبو عثمان أنه استعمل في هذا الكلام فقط ولم يجاوز به غيره، وتوراة عند الخليل وسيبويه وسائر البصريين فوعلة كحوقلة وورية قلبت الواو الأولى تاء كما قلبت في تولج وأصله وولج من: ولجت، وحكى الزجاج عن بعض الكوفيين: أن توراة أصلها تفعلة بفتح العين، من: وريت بك زنادي، وإنما ينبغي أن تكون من: أوريت قال فهي تورية، وقال بعضهم: يصلح أن تكون تفعلة بكسر العين مثل توصية ثم ردت إلى تفعلة بفتح العين، قال الزجاج وكأنه يجيز في توصية توصأة وذلك غير مسموع، وعلى كل قول فالياء لما انفتح ما قبلها وتحركت هي انقلبت ألفا فقيل توراة، ورجح أبو علي قول البصريين وضعفه غيره، وقرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم «التوراة» مفتوحة الراء، وكان حمزة ونافع يلفظان بالراء بين اللفظين بين الفتح والكسر وكذلك فعلا في قوله من الأبرار ومِنَ الْأَشْرارِ [ص: ٦٢] وقَرارٍ إذا كان الحرف مخفوضا، وروى المسيبي عن نافع فتح الراء من التوراة، وروى ورش عنه كسرها، وكان أبو عمرو والكسائي يكسران الراء من التوراة ويميلان من الْأَبْرارِ وغيرها أشد من إمالة حمزة ونافع.
وقالوا في الإنجيل: إنه إفعيل من النجل وهو الماء الذي ينز من الأرض، قال الخليل: استنجلت الأرض وبها انجال إذا خرج منها الماء والنجل أيضا الولد والنسل قاله الخليل وغيره، ونجله أبوه أي ولده، ومن ذلك قول الأعشى:[المنسرح]
أنجب أيّام والداه به ... إذ نجلاه فنعم ما نجلا
قال ابن سيده عن أبي علي: معنى قوله أيام والداه به كما تقول: أنا بالله وبك، وقال أبو الفتح: معنى البيت، أنجب والداه به أيام إذ نجلاه فهو كقولك حينئذ ويومئذ لكنه حال بالفاعل بين المضاف الذي هو أيام وبين المضاف إليه الذي هو إذ. ويروى هذا البيت أنجب أيام والديه، والنجل الرمي بالشيء وذلك أيضا من معنى الظهور وفراق شيء شيئا، وحكى أبو القاسم الزجاجي في نوادره: أن الوالد يقال له، نجل وأن اللفظة من الأضداد، وأما بيت زهير فالرواية الصحيحة فيه:
وكل فحل له نجل أي ولد كريم ونسل، وروى الأصمعي فيما حكى: وكل فرع له نجل، وهذا لا يتجه إلا على تسمية