للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، كما غلط عليه في بارئكم، وقد حكى عنه سيبويه، وهو ضابط لمثل هذا: أنه يكسر كسرا خفيفا، و «القنطار» في هذه الآية: مثال للمال الكثير يدخل فيه أكثر من القنطار وأقل، وأما «الدينار» فيحتمل أن يكون كذلك، مثالا لما قل، ويحتمل أن يريد طبقة لا تخون إلا في دينار فما زاد، ولم يعن لذكر الخائنين في أقل إذ هم طغام حثالة، وقرأ جمهور الناس «دمت» بضم الدال، وقرأ ابن وثاب والأعمش وأبو عبد الرحمن السلمي وابن أبي ليلى والفياض بن غزوان وغيرهم: «دمت ودمتم» ، بكسر الدال في جميع القرآن، قال أبو إسحاق: من قولهم: «دمت» ، تدام، نمت، تنام، وهي لغة، ودام معناه ثبت على حال ما، والتدويم على الشيء الاستدارة حول الشيء ومنه قول ذي الرمة: [البسيط] والشمس حيرى لها في الجوّ تدويم والدوام، الدوار يأخذ في رأس الإنسان، فيرى الأشياء تدور له، وتدويم الطائر في السماء، هو ثبوته إذا صفّ واستدار والماء الدائم وغيره هو الذي كأنه يستدير حول مركزه، وقوله قائِماً يحتمل معنيين قال الزجّاج وقتادة ومجاهد: معناه قائما على اقتضاء دينك.

قال الفقيه الإمام أبو محمد: يريدون بأنواع الاقتضاء من الحفز والمرافعة إلى الحكام، فعلى هذا التأويل، لا تراعى هيئة هذا الدائم بل اللفظة من قيام المرء على أشغاله، أي اجتهاده فيها، وقال السدي وغيره: قائِماً في هذه الآية معناه: قائما على رأسه، على الهيئة المعروفة، وتلك نهاية الحفز، لأن معنى ذلك أنه في صدر شغل آخر، يريد أن يستقبله، وذهب إلى هذا التأويل جماعة من الفقهاء وانتزعوا من الآيات جواز السجن، لأن الذي يقوم عليه غريمه فهو يمنعه من تصرفاته في غير القضاء، ولا فرق بين المنع من التصرفات وبين السجن، وهذه الآية وما بعدها نزلت فيما روي، بسبب أن جماعة من العرب كانت لهم ديون في ذمم قوم من أهل الكتاب، فلما أسلم أولئك العرب قالت لهم اليهود: نحن لا نؤدي إليكم شيئا حين فارقتم دينكم الذي كنتم عليه، فنزلت الآية في ذلك وروي أن بني إسرائيل كانوا يعتقدون استحلال أموال العرب لكونهم أهل أوثان، فلما جاء الإسلام وأسلم من أسلم من العرب بقي اليهود فيهم على ذلك المعتقد، فنزلت الآية حامية من ذلك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا كل شيء من أمر الجاهلية فهو تحت قدمي، إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر» .

الإشارة ب ذلِكَ إلى كونهم لا يؤدون الأمانة في دينار فما فوقه، على أحد التأويلين، والضمير في،

<<  <  ج: ص:  >  >>