للعرب في مواضع، فمن ذلك ما حكاه الفراء أنهم يقولون: أكلت لحما، شاة، يريدون لحم شاة فمطلوا الفتحة حتى نشأت عنها ألف، كما قالوا في الوقف، قالا: يريدون قال: ثم مطلوا الفتحة في القوافي ونحوها من مواضع الروية والتثبت، ومن ذلك في الشعر قول الشاعر:[عنترة] : [الرجز] :
ينباع من ذفرى غضوب جسرة يريد ينبع فمطل ومنه قول الآخر:[الرجز]
أقول إذ جرت على الكلكال ... يا ناقتا ما جلت من مجال
يريد على الكلكل، فمطل ومنه قول الآخر:[لابن هرمة] : [الوافر]
فأنت من الغوائل حين ترمي ... ومن ذمّ الرجال بمنتزاح
يريد بمنتزح، قال أبو الفتح: فإذا جاز ان يعترض هذا التمادي بين أثناء الكلمة الواحدة، جاز التمادي والتأني بين المضاف والمضاف إليه إذ هما في الحقيقة اثنان، وقرأ ابن عامر وحده:«منزّلين» بفتح النون والزاي مشددة، وقرأ الباقون: منزلين بسكون النون وفتح الزاي مخففة، وقرأ ابن أبي عبلة:«منزّلين» بفتح النون وكسر الزاي مشددة، معناها: ينزلون النصر، وحكى النحاس قراءة ولم ينسبها:«منزلين» بسكون النون وكسر الزاي خفيفة، وفسرها بأنهم ينزلون النصر.
وبَلى - جواب للنفي الذي في أَلَنْ وقد تقدم معناه، ثم ذكر تعالى الشرط الذي معه يقع الإمداد وهو الصبر، والتقى. و «الفور» : النهوض المسرع إلى الشيء مأخوذ من فور القدر والماء ونحوه، ومنه قوله تعالى: وَفارَ التَّنُّورُ [هود: ٤٠] فالمعنى ويأتوكم في نهضتكم هذه، قال ابن عباس: مِنْ فَوْرِهِمْ هذا: معناه من سفرهم هذا، قال الحسن والسدي: معناه، من وجههم هذا، وقاله قتادة، وقال مجاهد وعكرمة وأبو صالح مولى أم هاني: من غضبهم هذا.
قال القاضي: وهذا تفسير لا يخص اللفظة قد يكون «الفور» لغضب ولطمع ولرغبة في أجر، ومنه الفور في الحج والوضوء، وقرأ أبو عمرو وابن كثير وعاصم:«مسوّمين» ، بكسر الواو، وقرأ الباقون:
«مسوّمين» بفتح الواو، فأما من قرأ بفتح الواو فمعناه: معلمين بعلامات، قال أبو زيد الأنصاري:«السومة» العلامة تكون على الشاة وغيرها يجعل عليها لون يخالف لونها لتعرف، وروي أن الملائكة أعلمت يومئذ بعمائم بيض، حكاه المهدوي عن الزجّاج، إلا جبريل عليه السلام فإنه كان بعمامة صفراء على مثال عمامة الزبير بن العوام، وقاله ابن إسحاق، وقال مجاهد: كانت خيلهم مجزوزة الأذناب والأعراف معلمة النواصي والأذناب بالصوف والعهن، وقال الربيع: كانت سيماهم أنهم كانوا على خيل بلق، وقال عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير: نزلت الملائكة في سيما الزبير عليهم عمائم صفر، وقال ذلك عروة وعبد الله ابنا الزبير: وقال عبد الله: كانت ملاءة صفراء فاعتم الزبير بها، ومن قرأ:«مسوّمين» بكسر الواو، فيحتمل من المعنى مثل ما تقدم، أي هم قد أعلموا أنفسهم بعلامة وأعلموا خيلهم، ورجح الطبري وغيره هذه القراءة، بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسلمين يوم بدر: سوّموا فإن الملائكة قد سوّمت، فهم على