الحال كما تقول: جئت وزيد قائم، قاله سيبويه وغيره قال الزجّاج: وجائز أن يكون خبر قوله وَطائِفَةٌ قوله- يظنون- ويكون قد أهمتهم صفة للطائفة، وقوله تعالى: قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ ذهب أكثر المفسرين قتادة والربيع وابن إسحاق وغيرهم: إلى أن اللفظة من الهم الذي هو بمعنى الغم والحزن، والمعنى:
أن نفوسهم المريضة وظنونهم السيئة، قد جلبت إليهم الهم خوف القتل وذهاب الأموال، تقول العرب:
أهمني الشيء إذا جلب الهم، وذكر بعض المفسرين: أن اللفظة من قولك: هم بالشيء يهم إذا أراد فعله.
قال القاضي أبو محمد: أهمتهم أنفسهم المكاشفة. ونبذ الدين، وهذا قول من قال: قد قتل محمد، فلنرجع إلى ديننا الأول ونحو هذا من الأقوال.
قوله تعالى:
يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ...
قوله تعالى: غَيْرَ الْحَقِّ معناه: يظنون أن الإسلام ليس بحق وأن أمر محمد عليه السلام يضمحل ويذهب، وقوله: ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ ذهب جمهور الناس إلى أن المراد مدة الجاهلية القديمة قبل الإسلام، وهذا كما قال: حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ [الفتح: ٢٦] وتَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ [الأحزاب: ٣٣] ، وكما تقول شعر الجاهلية، وكما قال ابن عباس: سمعت أبي في الجاهلية يقول: اسقنا كأسا دهاقا، وذهب بعض المفسرين إلى أنه أراد في هذه الآية ظن الفرقة الجاهلية، والإشارة إلى أبي سفيان ومن معه، والأمر محتمل، وقد نحا هذا المنحى قتادة والطبري، وقوله تعالى: يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ حكاية كلام قالوه، قال قتادة وابن جريج: قيل لعبد الله بن أبي ابن سلول: قتل بنو الخزرج فقال: «وهل لنا من الأمر من شيء» ؟ يريد أن الرأي ليس لنا، ولو كان لنا منه شيء لسمع من رأينا فلم يخرج فلم يقتل أحد منا، وهذا منهم قول بأجلين، وكأن كلامهم يحتمل الكفر والنفاق، على معنى: ليس لنا من أمر الله شيء، ولا نحن على حق في اتباع محمد، ذكره المهدوي وابن فورك، لكن يضعف ذلك أن الرد عليهم إنما جاء على أن كلامهم في معنى سوء الرأي في الخروج، وأنه لو لم يخرج لم يقتل أحد، وقوله تعالى: قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ اعتراض أثناء الكلام فصيح، وقرأ جمهور القراء «كلّه» - بالنصب على تأكيد الأمر، لأن «كله» بمعنى أجمع، وقرأ أبو عمرو بن العلاء «كلّه لله» برفع كل على الابتداء والخبر، ورجح الناس قراءة الجمهور لأن التأكيد أملك بلفظة «كل» ، وقوله تعالى: يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يحتمل أن يكون إخبارا عن تسترهم بمثل هذه الأقوال التي ليست بمحض كفر، بل هي جهالة، ويحتمل أن يكون إخبارا عما يخفونه من الكفر الذي لا يقدرون أن يظهروا منه أكثر من هذه النزعات، وأخبر تعالى عنهم على