«الرحمن رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة» .
وقال أبو علي الفارسي: الرحمن اسم عام في جميع أنواع الرحمة يختص به الله تعالى، والرحيم إنما هو في جهة المؤمنين كما قال تعالى: وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب: ٤٣] وهذه كلها أقوال تتعاضد. وقال عطاء الخراساني:«كان الرحمن فلما اختزل وسمي به مسيلمة الكذاب قال الله- سبحانه- لنفسه: «الرحمن الرحيم» فهذا الاقتران بين الصفتين ليس لأحد إلا لله تعالى» وهذا قول ضعيف، لأن بسم الله الرحمن الرحيم كان قبل أن ينجم أمر مسيلمة. وأيضا فتسمي مسيلمة بهذا لم يكن مما تأصل وثبت. وقال قوم: إن العرب كانت لا تعرف لفظة الرحمن، ولا كانت في لغتها، واستدلوا على ذلك بقول العرب:«وما الرحمن؟
أنسجد لما تأمرنا» وهذا القول ضعيف، وإنما وقفت العرب على تعيين الإله الذي أمروا بالسجود له، لا على نفس اللفظة.
واختلف في وصل الرحيم بالحمد، فروي عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم الرحيم الحمد تسكن الميم ويوقف عليها ويبتدأ بألف مقطوعة، وقرأ به قوم من الكوفيين، وقرأ جمهور الناس الرحيم الحمد يعرب الرحيم بالخفض، وتوصل الألف من الحمد، ومن شاء أن يقدر أنه أسكن الميم ثم لما وصل حركها للالتقاء ولم يعتد بألف الوصل فذلك سائغ، والأول أخصر.
وحكى الكسائي عن بعض العرب أنها تقرأ الرحيم الحمد بفتح الميم وصلة الألف كأنها سكنت الميم وقطعت الألف، ثم ألقيت حركتها على الميم وحذفت، ولم ترو هذه قراءة عن أحد فيما علمت، وهذا هو نظر يحيى بن زياد في قوله تعالى: الم اللَّهُ.