وكان عبد الله بن كثير يصل الميم بواو انضمت الهاء قبلها أو انكسرت فيقرأ «عليهم وو قلوبهمو وسمعهمو وأبصارهمو» .
وقرأ ورش الهاء مكسورة والميم موقوفة، إلا أن تلقى الميم ألفا أصلية فيلحق في اللفظ واوا مثل قوله: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ [البقرة: ٦] .
وكان أبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، والكسائي، يكسرون، ويسكنون الميم، فإذا لقي الميم حرف ساكن اختلفوا فكان عاصم، وابن كثير، ونافع يمضون على كسر الهاء وضم الميم، مثل قوله تعالى:
عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ [البقرة: ٦١، آل عمران: ١١٢] ومِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ [القصص: ٢٣] وما أشبه ذلك، وكان أبو عمرو يكسر الهاء والميم فيقول: عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وإِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ [يس: ١٤] وما أشبه ذلك.
وكان الكسائي يضم الهاء والميم معا، فيقرأ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ومِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ.
قال أبو بكر أحمد بن موسى: وكل هذا الاختلاف في كسر الهاء وضمها إنما هو في الهاء التي قبلها كسرة أو ياء ساكنة، فإذا جاوزت هذين لم يكن في الهاء إلا الضم، فإذا لم يكن قبل الميم هاء قبلها كسرة أو ياء ساكنة لم يجز في الميم إلا الضم والتسكين في مثل قوله تعالى: منكم وأنتم.
قال القاضي أبو محمد: وحكى صاحب الدلائل قال: «قرأ بعضهم عليهم وبواو وضمتين، وبعضهم بضمتين وألغى الواو، وبعضهم بكسرتين وألحق الياء، وبعضهم بكسرتين وألغى الياء، وبعضهم بكسر الهاء وضم الميم» .
قال: «وذلك مروي عن الأئمة ورؤساء اللغة» .
قال ابن جني: «حكى أحمد بن موسى عليهم وو عليهم بضم الميم من غير إشباع إلى الواو، وعليهم بسكون الميم» .
وقرأ الحسن وعمرو بن فائد «عليهمي» .
وقرىء «عليهم» بكسر الميم دون إشباع إلى الياء.
وقرأ الأعرج: «عليهم» بكسر الياء وضم الميم من غير إشباع.
وهذه القراءات كلها بضم الهاء إلا الأخيرة وبإزاء كل واحدة منها قراءة بكسر الهاء فيجيء في الجميع عشر قراءات.
وقوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.
اختلف القراء في الراء من غير، فقرأ نافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي بخفض الراء، وقرأ ابن كثير بالنصب، وروي عنه الخفض.
قال أبو علي: «الخفض على ضربين: على البدل، من الَّذِينَ، أو على الصفة للنكرة، كما تقول مررت برجل غيرك، وإنما وقع هنا صفة ل الَّذِينَ لأن الَّذِينَ هنا ليس بمقصود قصدهم، فالكلام بمنزلة قولك إني لأمر بالرجل مثلك فأكرمه» .