ويلحينني في اللهو أن لا أحبّه ... وللهو داع دائب غير غافل
وقال الطبري: يريد: ويلحينني في اللهو أن أحبه» .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وبيت الأحوص إنما معناه إرادة أن لا أحبه ف «لا» فيه متمكنة.
قال الطبري: ومنه قوله تعالى: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ [الأعراف: ١٢] وإنما جاز أن تكون لا بمعنى الحذف، ولأنها تقدمها الجحد في صدر الكلام، فسيق الكلام الآخر مناسبا للأول، كما قال الشاعر:
ما كان يرضي رسول الله فعلهم ... والطيبان أبو بكر ولا عمر
وقرأ عمر بن الخطاب وأبي بن كعب: «غير المغضوب عليهم وغير الضالين» .
وروي عنهما في الراء النصب والخفض في الحرفين.
قال الطبري: «فإن قال قائل أليس الضلال من صفة اليهود، كما أن النصارى عليهم غضب فلم خص كل فريق بذكر شيء مفرد؟ قيل: هم كذلك ولكن وسم الله لعباده كل فريق بما قد تكررت العبارة عنه به وفهم به أمره» .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق: وهذا غير شاف، والقول في ذلك أن أفاعيل اليهود من اعتدائهم، وتعنتهم، وكفرهم مع رؤيتهم الآيات، وقتلهم الأنبياء أمور توجب الغضب في عرفنا، فسمى تعالى ما أحل بهم غضبا، والنصارى لم يقع لهم شيء من ذلك، إنما ضلوا من أول كفرهم دون أن يقع منهم ما يوجب غضبا خاصا بأفاعيلهم، بل هو الذي يعم كل كافر وإن اجتهد، فلهذا تقررت العبارة عن الطائفتين بما ذكر، وليس في العبارة ب الضَّالِّينَ تعلق للقدرية في أنهم أضلوا أنفسهم لأن هذا إنما هو كقولهم تهدم الجدار وتحركت الشجرة والهادم والمحرك غيرهما، وكذلك النصارى خلق الله الضلال فيهم وضلوا هم بتكسبهم.
وقرأ أيوب السختياني: «الضألين» بهمزة غير ممدودة كأنه فر من التقاء الساكنين، وهي لغة.
حكى أبو زيد قال: سمعت عمرو بن عبيد يقرأ: «فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جأن» فظننته قد لحن حتى سمعت من العرب دأبة وشأبة.
قال أبو الفتح: وعلى هذه اللغة قول كثير [الطويل] .
إذا ما العوالي بالعبيط احمأرّت وقول الآخر: [الطويل] .
وللأرض أما سودها فتجللت ... بياضا وأمّا بيضها فادهأمّت
وأجمع الناس على أنّ عدد آي سورة الحمد سبع آيات: الْعالَمِينَ آية، الرَّحِيمِ آية، الدِّينِ آية، نَسْتَعِينُ آية، الْمُسْتَقِيمَ آية، أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آية، وَلَا الضَّالِّينَ آية. وقد ذكرنا في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم ما ورد من خلاف ضعيف في ذلك.