للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحمار الوحش ونحوه بدنة، وفي الوعل والإبل ونحوه بقرة، وفي الظبي ونحوه كبش، وفي الأرنب ونحوه ثنية من الغنم، وفي اليربوع حمل صغير، وما كان من جرادة ونحوها ففيها قبضة طعام، وما كان من طير فيقوم ثمنها طعاما فإن شاء تصدق به وإن شاء صام لكل صاع يوما، وإن أصاب بيض نعام فإنه يحمل الفحل على عدد ما أصاب من بكارة الإبل فما نتج منها أهداه إلى البيت وما فسد منها فلا شيء عليه فيه.

قال القاضي أبو محمد: حكم عمر على قبيصة بن جابر في الظبي بشاة، وحكم هو وعبد الرحمن بن عوف، قال قبيصة: فقلت يا أمير المؤمنين إن أمره أهون من أن تدعو من يحكم معك، قال: فضربني بالدرة حتى سابقته عدوا. ثم قال: أقتلت الصيد وأنت محرم ثم تغمض الفتوى؟ وهذه القصة في الموطأ بغير هذه الألفاظ. وكذلك روي أنها نزلت بصاحب لقبيصة، وقبيصة هو راويها والله أعلم. وأما الأرنب واليربوع ونحوها فالحكم فيه عند مالك أن يقوم طعاما، فإن شاء تصدق به وإن شاء صام بدل كلّ مدّ يوما، وكذلك عنده الصيام في كفارة الجزاء إنما هو كله يوم بدل مد، وعند قوم صاع، وعند قوم بدل مدين، وفي حمام الحرم عند مالك شاة في الحمامة، وفي الحمام غيره حكومة وليس كحمام الحرم، وأما بيض النعام وسائر الطير ففي البيضة عند مالك عشر ثمن أمه، قال ابن القاسم: وسواء كان فيها فرخ أو لم يكن ما لم يستهل الفرخ صارخا بعد الكسر فإن استهل ففيه الجزاء كاملا كجزاء كبير ذلك الطير. قال ابن المواز: بحكومة عدلين، وقال ابن وهب: إن كان في بيضة النعامة فما دونها فرخ فعشر ثمن أمه، وإن لم يكن فصيام يوم أو مد لكل مسكين، وذهبت فرقة من أهل العلم منهم النخعي وغيره إلى أن المماثلة إنما هي في القيمة، يقوّم الصيد المقتول ثم يشترى بقيمته من النعم ثم يهدى، ورد الطبري وغيره على هذا القول، والنَّعَمِ لفظ يقع على الإبل والبقر والغنم إذا اجتمع هذه الأصناف، فإذا انفرد كل صنف لم يقل «نعم» إلا للإبل وحدها، وقرأ الحسن «من النعم» بسكون العين وهي لغة، والجزاء إنما يجب بقتل الصيد لا بنفس أخذه بحكم لفظ الآية، وذلك في المدونة ظاهر من مسألة الذي اصطاد طائرا فنتف ريشه ثم حبسه حتى نسل ريشه فطار، قال لا جزاء عليه، وقصر القرآن هذه النازلة على حكمين عدلين عالمين بحكم النازلة وبالتقدير فيها، وحكم عمر وعبد الرحمن بن عوف وأمر أبا جرير البجلي أن يأتي رجلين من العدول ليحكما عليه في عنز من الظباء أصابها قال:

فأتيت عبد الرحمن وسعدا فحكما عليّ تيسا أعفر، ودعا ابن عمر ابن صفوان ليحكم معه في جزاء، وعلى هذا جمهور الناس وفقهاء الأمصار، وقال ابن وهب رحمه الله في العتبية: من السنة أن يخير الحكمان من أصاب الصيد كما خيره الله في أن يخرج هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما. فإن اختار الهدي حكما عليه بما يريانه نظيرا لما أصاب ما بينهما وبين أن يكون عدل ذلك شاة لأنها أدنى الهدي. فما لم يبلغ شاة حكما فيه بالطعام، ثم خير في أن يطعمه أو يصوم مكان كل مد يوما.

وكذلك قال مالك في المدونة: إذا أراد المصيب أن يطعم أو يصوم وإن كان لما أصاب نظير من النعم فإنه يقوم صيده طعاما لا دراهم، قال: وإن قوموه دراهم واشتري بها طعام لرجوت أن يكون واسعا، والأول أصوب، فإن شاء أطعمه وإلا صام مكانه لكل مد يوما، وإن زاد ذلك على شهرين أو ثلاثة، وقال يحيى بن عمر من أصحابنا إنما يقال كم من رجل يشبع من هذا الصيد فيعرف العدد ثم يقال كم من الطعام يشبع هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>