للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى وهدينا من آبائهم وذرياتهم وإخوانهم جماعات، ف مِنْ للتبعيض والمراد من آمن منهم نبيا كان أو غير نبي، ويدخل عيسى عليه السلام في ضمير قوله: وَمِنْ آبائِهِمْ، ولهذا قال محمد بن كعب الخال أب والخالة أم، وَاجْتَبَيْناهُمْ معناه تخيرناهم وأرشدناهم وضممناهم إلى خاصتنا وأرشدناهم إلى الإيمان والفوز برضى الله تعالى. قال مجاهد معناه أخلصناهم، و «الذرية» الأبناء وينطلق على جميع البشر ذرية لأنهم أبناء، وقال قوم: إن الذرية تقع على الآباء لقوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ [يس: ٤١] يراد به نوع البشر وقوله تعالى: ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ الآية، ذلِكَ إشارة إلى النعمة في قوله: وَاجْتَبَيْناهُمْ وإضافة الهدى إلى الله إضافة ملك، ولَحَبِطَ معناه تلف وذهب لسوء غلب عليه، وأُولئِكَ إشارة إلى من تقدم ذكره والْكِتابَ يراد به المصحف والتوراة والإنجيل والزبور، والْحُكْمَ يراد به اللب والفطنة والفقه في دين الله، وهؤُلاءِ إشارة إلى كفار قريش المعادين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى كل كفار في ذلك العصر، قاله قتادة وابن عباس والسدي وغيرهم، وقَوْماً يراد به مؤمنو أهل المدينة، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي وغيرهم، فالآية على هذا التأويل وإن كان القصد في نزولها هذين الصنفين فهي تعم الكفرة والمؤمنين إلى يوم القيامة، وقال قتادة أيضا والحسن بن أبي الحسن المراد ب «القوم» من تقدم ذكره من الأنبياء والمؤمنين، وقال أبو رجاء: المراد الملائكة، والباء في به متعلقة بقوله: بِكافِرِينَ والباء في قوله بِكافِرِينَ زائدة للتأكيد وقوله تعالى:

أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ الآية، الظاهر في الإشارة، ب أُولئِكَ أنها إلى المذكورين قبل من الأنبياء ومن معهم من المؤمنين المهديين ومعنى الاقتداء اتباع الأثر في القول والفعل والسيرة، وإنما يصح اقتداؤه بجميعهم في العقود والإيمان والتوحيد الذي ليس بينهم فيه اختلاف وأما أعمال الشرائع فمختلفة، وقد قال عز وجل:

لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [المائدة: ٤٨] ويحتمل أن تكون الإشارة ب أُولئِكَ إلى قوله قَوْماً.

قال القاضي أبو محمد: وذلك يترتب على بعض التأويلات في المراد بالقوم ويقلق بعضها، قال القاضي ابن الباقلاني: واختلف الناس هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه متعبدا بشرع من كان قبله، فقالت طائفة كان متعبدا، واختلف بشرع من؟ فقالت فرقة بشرع إبراهيم، وفرقة بشرع موسى، وفرقة بشرع عيسى، وقالت طائفة بالوقف في ذلك، وقالت طائفة لم يكن متعبدا بشرع من كان قبله وهو الذي يترجح.

قال القاضي أبو محمد: ولا يحمل كلام القاضي على أنه لم يكن متعبدا بشرع من كان قبله في توحيد ولا معتقد لأنّا نجد شرعنا ينبىء أن الكفار الذين كانوا قبل النبي عليه السلام كأبويه وغيرهما في النار ولا يدخل الله تعالى أحدا النار إلا بترك ما كلف، وذلك في قوله تعالى: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>