قال أبو مجلز: أهل الأعراف هم الملائكة وهم القائلون أَهؤُلاءِ إشارة إلى أهل الجنة.
قال القاضي أبو محمد: وكذلك يجيء قول من قال أهل الأعراف أنبياء وشهداء، وقال غيره: أهل الأعراف بشر مذنبون، وقوله: أَهؤُلاءِ من كلام ملك بأمر الله عز وجل إشارة إلى أهل الأعراف ومخاطبة لأهل النار، وهذا قول ابن عباس، وقال النقاش: لما وبخوهم بقولهم ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ [الأعراف: ٤٨] ، أقسم أهل النار أن أهل الأعراف داخلون النار معهم فنادتهم الملائكة أَهؤُلاءِ، ثم نادت أصحاب الأعراف ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، وقال بعض المتأولين: الإشارة بهؤلاء إلى أهل الجنة، والمخاطبون هم أهل الأعراف والذين خوطبوا هم أهل النار، والمعنى أهؤلاء الضعفاء في الدنيا الذين حلفتم أن الله لا يعبأ بهم قيل لهم ادخلوا الجنة، وقد تقدم ما قال النقاش من أن القسم هو في الآخرة على أهل الأعراف والذين خوطبوا هم أهل النار، والمعنى أهؤلاء الضعفاء في الدنيا الذين حلفتم أن الله لا يعبأ بهم قيل لهم ادخلوا الجنة، وقد تقدم ما قال النقاش من أن القسم هو في الآخرة على أهل الأعراف، وقرأ الحسن وابن هرمز «أدخلوا الجنة» بفتح الألف وكسر الخاء معنى أدخلوا أنفسكم، أو على أن تكون مخاطبة للملائكة ثم ترجع المخاطبة بعد إلى البشر في عَلَيْكُمْ، وقرأ عكرمة مولى ابن عباس «دخلوا الجنة» على الإخبار بفعل ماض، وقرأ طلحة بن مصرف وابن وثاب والنخعي «أدخلوا الجنة» خبر مبني للمفعول.
قال القاضي أبو محمد: وترتيب كل قراءة من هذه على الأقوال في المخاطب والمخاطب بقوله تعالى: أَهؤُلاءِ ممكن بأيسر تناول فاختصرته إيجازا، وكذلك ما في الآية من الرجوع من مخاطبة فريق إلى مخاطبة غيره، وقوله تعالى: لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ معناه: لا تخافون ما يأتي ولا تحزنون على ما فات، وذكر الطبري من طريق حذيفة أن أهل الأعراف يرغبون في الشفاعة فيأتون آدم فيدفعهم إلى نوح ثم يتدافعهم الأنبياء عليهم السلام حتى يأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فيشفع لهم فيشفع فيدخلون الجنة فيلقون في نهر الحياة فيبيضون ويسمون مساكين الجنة، قال سالم مولى أبي حذيفة:
ليت أني من أهل الأعراف.
وقوله تعالى: وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الآية، لفظة النداء تتضمن أن أهل النار وقع لهم علم بأن أهل الجنة يسمعون نداءهم، وجائز أن يكون ذلك وهم يرونهم بإدراك يجعله الله لهم على بعد السفل من العلو، وجائز أن يكون ذلك وبينهم السور والحجاب المتقدم الذكر، وروي أن ذلك النداء هو عند إطلاع أهل الجنة عليهم، وأَنْ في قوله: أَنْ أَفِيضُوا مفسرة بمعنى أي، وفاض الماء إذا سال وانماع وأفاضه غيره، وقوله: أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ إشارة إلى الطعام قاله السدي، فيقول لهم أهل الجنة إن الله حرم طعام الجنة وشرابها على الكافرين.
قال القاضي أبو محمد: والأشنع على الكافرين في هذه المقالة أن يكون بعضهم يرى بعضا فإنه أخزى وأنكى للنفس، وإجابة أهل الجنة بهذا الحكم هو عن أمر الله تعالى، وذكر الزهراوي: أنه روي عن