للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كركوب بمعنى مركوب، ويحتمل أن يكون من أبنية اسم الفاعل لأنها تنشر الحساب، وأما مثال الأول في قولنا ناشر ونشر فشاهد وشهد ونازل ونزل، كما قال الشاعر:

أو تنزلون فإنّا معشر نزل وقاتل وقتل ومنه قول الأعشى: [البسيط] إنا لمثلكم يا قومنا قتل وأما من قرأ «نشرا» بضم النون وسكون الشين فإنما خفف الشين من قوله نَشْراً وأما من قرأ «نشرا» بفتح النون وسكون الشين فهو مصدر في موضع الحال من الريح، ويحتمل في المعنى أن يراد به من النشر الذي هو خلاف الطيّ كل بقاء الريح دون هبوب طيّ، ويحتمل أن يكون من أن النشر الذي هو الإحياء كما قال الأعشى: [السريع] يا عجبا للميّت الناشر وأما من قرأ «نشرا» بفتح النون والشين وهي قراءة شاذة فهو اسم وهو على النسب، قال أبو الفتح أي ذوات نشر، والنّشر أن تنتشر الغنم بالليل فترعى، فشبه السحاب، في انتشاره وعمومه بذلك، وأما «بشرا» بضم الباء والشين فجمع بشير كنذير ونذر، و «بشرا» بسكون الشين مخفف منه و «بشرا» بفتح الباء وسكون الشين مصدر و «بشرى» مصدر أيضا في موضع الحال. و «الرحمة» في هذه الآية المطر، وبَيْنَ يَدَيْ أي أمام رحمته وقدامها وهي هنا استعارة وهي حقيقة فيما بين يدي الإنسان من الأجرام.

وأَقَلَّتْ معناه: رفعت من الأرض واستقلت بها، ومنه القلة وكأن المقل يرد ما رفع قليلا إذا قدر عليه، وثِقالًا معناه من الماء، والعرب تصف السحاب بالثقل والدلح، ومنه قول قيس بن الخطيم:

[المتقارب]

بأحسن منها ولا مزنة ... دلوح تكشف أدجانها

والريح تسوق السحاب من ورائها فهو سوق حقيقة، والضمير في سُقْناهُ عائد على السحاب، واستند الفعل إلى ضمير اسم الله تعالى من حيث هو إنعام، وصفة البلد بالموت استعارة بسبب سعته وجدوبته وتصويح نباته، وقرأ أبو عمرو وعاصم والأعمش: «لبلد ميت» بسكون الياء وشدها الباقون، والضمير في قوله: فَأَنْزَلْنا بِهِ يحتمل أن يعود على الحساب أي منه، ويحتمل أن يعود على البلد، ويحتمل أن يعود على الماء وهو أظهرها، وقال السدي في تفسير هذه الآية: إن الله تعالى يرسل الرياح فتأتي بالسحاب من بين الخافقين طرق السماء والأرض حيث يلتقيان فتخرجه من ثم ثم تنشره فتبسطه في السماء ثم تفتح أبواب السماء فيسيل الماء على السحاب ثم تمطر السحاب بعد ذلك.

قال القاضي أبو محمد: وهذا التفصيل لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله تبارك وتعالى كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى يحتمل مقصدين أحدهما أن يراد كهذه القدرة العظيمة في إنزال الماء وإخراج الثمرات به من الأرض المجدبة هي القدرة على إحياء الموتى من الأجداث وهذه مثال لها، ويحتمل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>