للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكيف أرجو إجاباتِ الدعاء وقد … سدَدْتُ بالذنب عندَ الله مَجْرَاهَا؟!

فأفضل الاستغفار ما اقترن (١) به ترك الإصرار، وهو حينئذ (٢) توبةٌ نصوحٌ.

• وإن قال بلسانه: أستغفر الله، وهو غير مقلع بقلبه؛ فهو داع لله بالمغفرة كما يقول: اللهم! اغفر لي وهو حسن، وقد يرجى له الإجابة.

• وأما من قال: هو توبة الكذابين (٣).

فمراده أنه ليس بتوبة كما يعتقده بعضُ الناس.

وهذا حق؛ فإن التوبة لا تكون مع الإصرار.

وإن قال: "أستغفر الله وأتوب إليه" فله حالتان:

• إحداهما:

أن يكون مصرًّا بقلبه على المعصية؛ فهذا كاذب في قوله: "وأتوب إليه"؛ لأنه غير تائب، فلا يجوز له أن يخبر عن نفسه بأنه تائب، وهو غير تائب.

• والثانية: أن يكون مقلعًا عن المعصية بقلبه.

• فاختلف الناس في جواز قوله: وأتوبُ إليه فكرهه طائفة من السلف، وهو قول أصحاب أبي حنيفة؛ حكاه عنهم الطحاوي.

• وقال الربيع بن خُثَيم: يكون قوله "وأتوب إليه" كذبة وذنبًا، ولكن ليقل: "اللهم تب عليّ" أو يقول: "اللهم! إني أستغفرك؛ فتب عليّ".

وهذا قد يحمل على من لم يقلع بقلبه وهو بحاله أشبه.

• وكان محمد بن سوقة يقول في استغفاره: "أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ وأسأله توبةً نصوحًا".

• وروى عن حذيفة أنه قال: بحسب المرء (٤) من الكذب أن يقول: "أستغفر الله" ثم يعود.

وسمع مطرف رجلًا يقول: أستغفر الله وأتوب إليه فتغيظ عليه وقال: لعلك لا تفعل.

وهذا ظاهره يدل على أنه إنما كره أن يقول: وأتوب (٥) إليه؛ لأن التوبة النصوح أن


(١) م: قرن.
(٢) سقطت من "ا"، ب.
(٣) م: "تاب توبة الكذابين".
(٤) ليست في م.
(٥) "ا": "أتوب".

<<  <  ج: ص:  >  >>