وفي معالم السنن بهامش أبي داود عرف الخطابي المثلة وبين متى تكون محرمة فقال: المثلة: تعذيب المقتول بقطع أعضائه وتشويه خلقه قبل أن يقتل أو بعده، وذلك مثل أن يجدع أنفه أو أذنه أو يفقأ عينه أو ما أشبه ذلك من أعضائه. ثم قال: وهذا إذا لم يكن الكافر فعل ذلك بالمقتول المسلم فإن مثل بالمقتول جاز أن يمثل به، ولذلك قطع رسول الله علي أيدي العرنيين، وأرجلهم، وسمر أعينهم، وكانوا فعلوا ذلك برعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذلك هذا في القصاص بين المسلمين إذا كان القاتل قطع أعضاء المقتول وعذبه قبل القتل فإنه يعاقب بمثله، وقد قال تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وفي ب: "وروى أبو داود وابن ماجه وهو عند أحمد بإسناد صحيح ٥/ ٢٧٥ (المعارف). (٢) أخرجه أبو داود في السنن: عقب الحديث السابق من حديث قتادة، عن الحسن، عن الهياج بن عمران أن أباه عمران أبق له غلام فجعل الله عليه لئن قدر عليه ليقطعن يده فأرسلني لأسأل له فأتيت سمرة بن جندب فسألته، فقال: كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يحثنا على الصدقة، وينهانا عن المثلة، فأتيت عمران بن حصين فسألته، فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة. وهو حديث قوى إسناده ابن حجر ٧/ ٤٥٩ وضعفه غيره. وهذه الرواية تدلنا على ما يلي: ١ - أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يغضبون - إذا أثارهم موقف كإباق هذا العبد، وأن هذا أمر لا ينبغي أن يستغرب فهم بشر!؟. ٢ - أنهم - وقد تلقوا توجيهات القرآن والسنة - لم يكونوا يدعون أنفسهم بحيث تحكُمهم غرائزهم وإنما كانوا يحكمون فيها تلك التوجيهات ومن هنا كان توقفهم وتحكمهم في السلوك إلى أن يتعرفوا على حكم الله ورسوله. ٣ - أنهم - لذلك - كانوا يسأل بعضهم بعضًا قبل أن يصدر منهم ما قد يكون غير مأذون فيه ولهذا كان سؤال عمران لسمرة وعمران بن حصين معًا، كأنما يريد ليزداد استيثاقًا. ٤ - أنهم لم يكونوا ليكتم أحدهم علما تلقاه، ولا نصيحة وجد فرصتها سانحة، ونفس المنصوح لها مهيأة. ٥ - أنهم كانوا يتلقون ما يتلقون عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بوعي كامل، وذاكرة حافظة فما كانوا يتلقونه لأنفسهم وإنما كانوا يعدون أنفسهم كذلك لإبلاغ ما تلقوه إلى من غاب عن مجلسهم من الصحابة ومن هنا كان حرصهم على أن يؤدوا ما سمعوه كما سمعوه. ٦ - أنه - لهذا - لا غرابة أن تتطابق إجاباتهم بل عباراتهم كما رأينا في عبارتي سمرة بن جندب وعمران بن حصين. ولعل هذا وغيره يتضح لنا كذلك من رواية أحمد في المسند ٤/ ٤٢٨ لهذا الحديث فقد رواه من طريق بهز وعفان عن همام، عن قتادة، عن الحسن، عن هياج بن عمران البرجمي أن غلامًا لأبيه أبق فجعل لله تبارك وتعالى عليه إن قدر عليه ليقطعن يده، قال: فقدر عليه قال [هياج] فبعثني إلى عمران بن حصين، قال: =