وعن مكانته العلمية قال البخاري: قال لنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن زيد قال: كان ابن عون يحدث، فإذا حدثته عن أيوب بخلافه تركه؛ فأقول: أليس قد سمعته؟ فيقول: إن أيوب أعلمنا بحديث محمد. يعني محمد بن سيرين. وكان حماد يقول أيضًا: كان أيوب عندي أفضل من جالسته، وأشده اتباعًا للسنة. وكان شعبة وهو تلميذ آخر لأيوب يقول: كان أيوب سيد السلمين!. وهو من الطبقة الخامسة. كان ابن المديني يقول: له نحو ثمانمائة حديث، وأما ابن علية فكان يبلغ بأحاديثه ألفين ويقول: ما أقل ما ذهب عليَّ منها! وكان ثقة ثبتًا في الحديث جامعًا كثير العلم حجة عدلًا كما ذكر ابن سعد والنسائي والدارقطني. ولا سيما في ابن سيرين كما ذكر ابن المديني. كان مولده سنة ست وستين أو ثمان وستين ووفاته سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين ومائة في طاعون البصرة. وترجمته في التاريخ الكبير ١/ ٤٠٩/١ - ٤١٠، والثقات لابن حبان ٦/ ٥٣ وتهذيب الكمال ٣/ ٤٥٧/ ٤٦٤، والجرح والتعديل ١/ ١/ ٢٥٥ - ٢٥٦ والحلية ٣/ ٢/ ١٤٠، وسير أعلام النبلاء ٦/ ١٥ - ٢٦، وتذكرة الحفاظ ١/ ١٣٠ - ١٣٢، وشذرات الذهب ١/ ١٨١، وتهذيب الهذيب ١/ ٣٩٧ - ٣٩٩، وتقريب التهذيب ١/ ٨٩ ت ٦٨٨، ومشاهير علماء الأمصار ص ١٥٠ ت ١١٨٣، والأنساب للسمعاني ٧/ ٩٧ وتاريخ ابن معين ٢/ ٤٨. (١) هو شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي مولاهم أبو بسطام الواسطي البصري. روى عن إسماعيل بن علية، وأنس بن سيرين، وأيوب السختياني وثابت البناني وجابر الجعفي، وجعفر الصادق، وسفيان الثوري ومالك بن أنس وهما من أقرانه وغيرهم. روى عنه أيوب السختياني والأعمش ومحمد بن إسحاق وهم من شيوخه، والثوري والحسن بن صالح وغيرهما من أقرانه ويحيى القطان وابن مهدي، ووكيع بن الجراح، وابن إدريس وابن المبارك وأبو داود وأبو الوليد الطيالسيان والنضر بن شميل والقعنبي ومسلما بن إبراهيم وعلي بن الجعد من شيوخ البخاري وغيرهم. قال أبو طالب عن أحمد: شعبة أثبت في الحكم من الأعمش، وأعلم بحديث الحكم، ولولا شعبة ذهب حديث الحكم وشعبة أحسن حديثًا من الثوري، لم يكن في زمن شعبة مثله في الحديث، ولا أحسن حديثْا منه، قسم له من هذا حظ، وروى عن ثلاثين رجلًا من أهل الكوفة لم يرو عنهم سفيان الثوري. وقال أحمد بن حنبل: كان شعبة أمة وحده في هذا الشأن يعني في الرجال. ومن تقدير أستاذه أيوب السختياني له ما حكاه حماد بن زيد قال: قال لنا أيوب: الآن يقدم عليكم رجل من أهل وأسط، هو فارس الحديث؛ فخذوا عنه! وفلما يشهد الأستاذ لتلميذه إلا إذا كان التلميذ يستأهل الشهادة والإشادة؛ ومن هنا تكون مكانه المشهود له، وتعظيم الثقة به. ولما مات شعبة قال أبو داود: قال سفيان: مات الحديث! وقيل لأبي داود هو أحسن حديثًا من سفيان؟ قال: ليس في الدنيا أحسن حديثا من شعبة، ومالك على قلته والزهري أحسن الناس حديثا وشعبة يخطئ فيما لا يضره، ولا يعاب عليه يعني في الأسماء" ذلك أنه كان يعطي العناية الأكبر لحفظ الحديث وقد ألمح ابن حبان إلى مبادراته النقدية في الحديث، وتمييز الطيب فيه من الخبيث، حيث قال: "كان شعبة من سادات أهل زمانه حفظًا لا إتقانًا ورعًا وفضلًا، وهو أول من فتش بالعراق عن أمر المحدثين، وجانب الضعفاء والمتروكين، وصار علما يقتدى به، وتبعه عليه أهل العراق". كان مولده على ما ذكر ابن حبان سنة ٨٣ ووفاته سنة ١٦٠ وله ٧٧ سنة.=