ثم ضعف ما رواه أحمد في مسنده (٥/ ٢٣٤) من طريق أبي المغيرة، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن عطية بن قيس عن معاذ بن جبل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الجهاد عمود الإسلام وذروة سنامه الجهاد" ضعفه بقوله: وهذا إسناد متصل، ورجاله ثقات غير أبي بكر وهو ابن عبد الله بن أبي مريم الشامي، وهو ضعيف لاختلاطه، وقد أخطأ في متن الحديث حيث جعل "عمود الإسلام" وصفا للجهاد أيضًا بينما هو في الطرق المتقدمة وصف للصلاة فقط. ثم قال: ويتلخص مما تقدم أن جميع الطرق منقطعة في مكان واحد منها غير هذه الطريق، وأحد طريقي شهر بن حوشب؛ فهي تقوي هذه (يقصد الشيخ: طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ) وقد أضاف إلى ذلك قوله: وأما الطرق الأخرى فلا يكون القول فيها أنه يقوي بعضها بعضا لأن جميعها متحدة العلة، وهي سقوط تابعيها منها (أي حيث لم يثبت سماع كل من أبي وائل وميمون وعروة من مُعاذ). ثم قال: وعليه فهي حينئذ في حكم الطريق الواحد، ويجوز أن يكون التابعي مجهولا والله أعلم. وأختتم هذه الدراسة بقوله: وخلاصة القول: أنه لا يمكن القول بصحة شيء من الحديث إلا هذا القدر الذي أورده المصنف (يقصد مصنف المنار) والقدر الذي أورده هو: "وذروة سنامه الجهاد". وقد أسس القول بصحة هذا القدر على مجيئه من طريقين متصلين يقوي أحدهما الآخر. * * * وهو يقصد بالطريقين المتصلتين: طريق أبي المغيرة، عن أبي بكر، عن عطية بن قيس، عن معاذ وطريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ. وحيث لم يرد الحديث بسياقه كاملا في الطريق الأول كما ورد بالموضع الثاني فإن الذي تكرر في الحديثين هو ما يفيد أن الجهاد ذروة سنام الإسلام وهو الجزء الذي أورده مصنف المنار، فهو الذي يكتسب وحده الحسن أو الصحة!؟ وقد نسلم بهذا وذاك بيد أن الذي ينبغي أن نتوقف عنده هو كيف وعلى أي أساس حكم الترمذي على الحديث بما عقب به عليه؟ ولو أنه اكتفى بوصف الحديث بالحسن فحسب لهان الخطب، ولقلنا لعله يريد بالحسن ما كان الحديث حسنا لغيره فضعف هذه الرواية من جهة الإرسال بينما الرواة ثقات وضعف رواية شهر من جهة شهر بينما هي متصلة بعبد الرحمن بن غنم وحيث اختلفت جهة الضعف في الطريقين، ثم حيث كان الضعف بحيث يقبل الجبر فهذا أمر يرقى بهذا الضعيف في كلا الطريقين إلى الحسن لكن لغيره لا لذاته. أقول: لو أن الترمذي اكتفى في وصف الحديث بالحسن لقلنا إنه من قبيل الحسن لغيره. أما وقد أضاف وصف الصحة فهل ذلك خطأ من الناسخ أم أن هناك محملًا آخر؟ ولنتابع البحث: وقد وقفت للحديث على رواية أخرى للطبراني ليس فيها راوٍ مِمَّنْ طعن معه في الحديث بالضعف أو الإرسال، وهي ما رواه الطبرني في الكبير ٢٠/ ٧٣ - ٧٤ من رواية معاذ بن المثنى، عن سعيد بن سليمان الواسطي ومن رواية أبي يزيد القراطيسي، عن حجاج بن إبراهيم الأزرق كلاهما عن مبارك بن سعيد، عن سعيد بن مسروق، عن أيوب بن كريز، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل قال: بينما نحن ركب مع النبي =