ومعنى هذا أن حديث منصور بن ربعي شاذ فيما يرى أبو نعيم حيث خالف المشهور وهو حديث الفضل الذي يُروى فيه حديث منصور بن المعتمر عن مجاهد؛ لا عن ربعي بن خراش. وربما يتأيد هذا بما في مسند إِبراهيم بن أدهم ح ١٧ ص ٢٩ - ٣٠ ففيه رواية الحديث بالإسناد والرواية المشهورة عن مجاهد مرسلًا وإذا فهذه الرواية المرسلة عند كل من أبي نعيم وإبراهيم بن أدهم. وقد أورده المنذري في الترغيب والترهيب ٤/ ١٥٧ من حديث إبراهيم بن أدهم وبنحو الرواية التي سيوردها ابن رجب، وعقب المنذري بقوله: رواه ابن أبي الدنيا هكذا معضلًا. ورواها بعضهم عنه، عن منصور، عن ربعي بن خراش قال: جاء رجل، فذكره مرسلًا. وهي أيضًا إحدى الروايات التي أوردها ابن رجب. وقد علمت موقف أبي نعيم منها وأنها تخالف المشهور. والخلاصة أن هذا الحديث قد روي موصولًا كما روي مرسلًا، فهو موصول من روايات: ١ - سهل بن سعد. ٢ - أنس بن مالك. ٣ - عبد الله بن عمر. إلا أن المشهور عن المحدثين هي رواية سهل بن سعد. وقد رواها عن سهل بن سعد: أبو حازم. ورواها عن أبي حازم كل من سفيان الثوري، ومحمد بن عُيَيْنَة، فأما رواية سفيان الثوري فرواها عنه نوعان من الرواة: أ - نوع ترد روايته ولا تقبل بحال؛ لإثمه بوضع الحديث والكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تمثل هذا النوع في خالد بن عمرو القرشي. ب - نوع يعتبر به ويتوقف في قبول روايته إلى أن تقوى بطريق آخر لترتقي إلى مستوى الحسن لغيره؛ لأن الضعف عندهم ليس شديدًا. وممن روي عنهم هذا الحديث عن سفيان، متابعين لخالد: ١ - محمد بن كثير الصنعاني. ٢ - أبو قتادة الحراني. ٣ - مهران بن أبي عمر الرازي. وكما قال ابن رجب: فإن كلا من أبي قتادة ومهران قد تكلم فيه، ولكن محمد بن كثير خير منهما فإنه ثقة عند كثير من الحفاظ. وكما قال المنذري: "وقد تابع خالدًا عليه محمد بن كثير الصنعاني عن سفيان، ومحمد هذا قد وثق على ضعفه، وهو أصلح حالًا من خالد". ١ - ٣ - فهذه الطرق الثلاثة عن سفيان صالحة للاعتبار. والراوي الثاني عن أبي حازم وهو المتابع لسفيان الثوري: محمد بن عيينة، فقد روى عنه زافر بن سليمان وكما قال ابن رجب: وزافر ومحمد بن عيينة كلاهما ضعيف فهذا طريق رابع ضعيف ضعفًا محتملًا يعتبر به كذلك. =