للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبكل حال فالذي يحصلُ لأهل الجنة من تفاصيل العلم بالله وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، ومن قربه ومشاهدته ولذة ذكره هو أمر لا يمكن التعبير عن كنهه في الدنيا؛ لأن أهلها لم يدركوه على وجهه بل هو مما لا عين رأت، ولا أذن سَمِعَتْ، ولا خطرَ على قلب بشر.

والله تعالى المسئول أن لا يحرمَنَا خَيْرَ ما عنده بشرِّ ما عندنا بمنه وكرمه ورحمته آمين.

اللهم صل على محمد وآله وصحبه وسلم (١).

* * *

ولنَرجع إلى شرح حديث "ازهد في الدنيا يحبك الله".

فهذا الحديث يدل على أن الله يحب الزاهدين في الدنيا (٢).

قال بعض السلف: قال الحواريون لعيسى عليه السلام:

يا روح الله! علّمنا عملًا واحدًا يحبنا الله عز وجل عليه؟.

قال: ابغضوا الدنيا يحبَّكم الله عز وجل.

* * *

وقد ذم الله تعالى من يحب الدنيا ويؤثرها على الآخرة كما قال: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ} (٣) وقال: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} (٤) وقال: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (٥).

والمراد حب المال فإذا ذم من أحب الدنيا دل على مدح من لا يحبها، بل يرفضها ويتركها.

وفي المسند وصحيح ابن حبان عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من أحبَّ دُنْيَاهُ أضرَّ بآخِرته، ومَنْ أَحَبَّ آخرته أَضَرَّ بدُنياهُ؛ فآثِرُوا ما يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنى" (٦).


(١) هذه الجملة ليست في أ، ولا في ب.
(٢) م: "الزاهد في الدنيا".
(٣) سورة القيامة: ٢٠، ٢١.
(٤) سورة الفجر: ٢٠.
(٥) سورة العاديات: ٨.
(٦) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٥١٢ من وجهين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/ ٢٤٩ وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني ورجالهم ثقات.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه: كتاب الرقاق: باب الفقر والزهد والقناعة: ذكر الإخبار بأن الإمعان في الدنيا يضر في العقبى كما أن الإمعان في طلب الآخرة يضر في فضول الدنيا ٢/ ٤٦ - ٤٧ من الإحسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>