وقوله تعالى: فَأَنْذَرْتُكُمْ إما مخاطبة منه وإما على معنى قل لهم يا محمد، وقرأ جمهور السبعة «تلظى» بتخفيف التاء، وقرأ البزي عن ابن كثير بشد التاء وإدغام الراء فيها. وقرأها كذلك عبيد بن عمير، وروي أيضا عنه «تتلظى» بتاءين وكذلك قرأ ابن الزبير وطلحة، وقوله تعالى: لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى أي لا يَصْلاها صلي خلود، ومن هنا ضلت المرجئة لأنها أخذت نفي الصلي مطلقا في قليله وكثيره، والْأَشْقَى هنا، الكافر بدليل قوله الذي كذب، والعرب تجعل أفعل في موضع فاعل مبالغة كما قال طرفة:[الطويل]
تمنى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
ولم يختلف أهل التأويل أن المراد ب الْأَتْقَى إلى آخر السورة أبو بكر الصديق، ثم هي تتناول كل من دخل في هذه الصفات، وقوله تعالى: يَتَزَكَّى معناه: يتطهر ويتنمى وظاهر هذه الآية أنه في المندوبات، وقوله تعالى: وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ الآية، المعنى: وليس إعطاؤه ليجزي نعما قد أزلت إليه، بل هو مبتدئ ابتغاء وجه الله تعالى، وروي في سبب هذا أن قريشا قالوا لما أعتق أبو بكر بلالا كانت لبلال عنده يد، وذهب الطبري إلى أن المعنى وليس يعطي ليبث نعما يجزي بها يوما ما وينتظر ثوابها، وحوم في هذا المعنى وحلق بتطويل غير مغن ويتجه المعنى الذي أراد بأيسر من قوله وذلك أن التقدير وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ إعطاء ليقع عليه من ذلك لأحد جزاء بل هو لمجرد ثواب الله تعالى وجزائه، وقوله تعالى: إِلَّا ابْتِغاءَ نصب بالاستثناء المنقطع وفيه نظر والابتغاء الطلب، ثم وعده تعالى بالرضى في الآخرة، وهذه عدة لأبي بكر رضي الله عنه، وقرأ «يرضى» بضم الياء على بناء الفعل للمفعول، وهذه الآية تشبه الرضى في قوله تعالى: ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً [الفجر: ٣١] الآية. انتهى.