وغيرها فإذا ماتت أكلوها وذكر نحوه ابن عباس وَالْمَوْقُوذَةُ التي ترمى أو تضرب بعصا أو بحجر أو نحوه وكأنها التي تحذف به وقال الفرزدق:
شغارة تغذ الفصيل برجلها ... فطارة لقوادم الأبكار
وقال ابن عباس الْمَوْقُوذَةُ التي تضرب بالخشب حتى يوقذها فتموت وقال قتادة: كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك ويأكلونها.
قال القاضي أبو محمد: ومن اللفظة قول معاوية، وأما ابن عمر فرجل قد وقذه الورع وكفى أمره ونزوته، وقال الضحاك: كانوا يضربون «الأنعام» بالخشب لآلهتهم حتى يقتلوها فيأكلونها وقال أبو عبد الله الصنابحي ليس الْمَوْقُوذَةُ إلا في مالك وليس في الصيد وقيذ.
قال القاضي أبو محمد: وعند مالك وغيره من الفقهاء في الصيد ما حكمه حكم الوقيذ وهو نص في قول النبي صلى الله عليه وسلم، في المعراض «وإذا أصاب بعرضه فلا تأكل فإنه وقيذ» ، وَالْمُتَرَدِّيَةُ هي التي تتردى من العلو إلى السفل فتموت كان ذلك من جبل أو في بئر ونحوه، هي متفعلة من الردى وهو الهلاك وكانت الجاهلية تأكل المتردي ولم تكن العرب تعتقد ميتة إلا ما مات بالوجع ونحو ذلك دون سبب يعرف فأما هذه الأسباب فكانت عندها كالذكاة، فحصر الشرع الذكاة في صفة مخصوصة وبقيت هذه كلها ميتة، وَالنَّطِيحَةُ فعيلة بمعنى مفعولة وهي الشاة تنطحها أخرى أو غير ذلك فتموت وتأول قوم النَّطِيحَةُ بمعنى الناطحة لأن الشاتين قد تتناطحان فتموتان، وقال قوم: لو ذكر الشاة لقيل: والشاة النطيح كما يقال كف خضيب ولحية دهين، فلما لم تذكر ألحقت الهاء لئلا يشكل الأمر أمذكرا يريد أم مؤنثا، قال ابن عباس والسدي وقتادة والضحاك: النطيحة الشاة تناطح الشاة فتموتان أو الشاة تنطحها البقر والغنم..
قال القاضي أبو محمد: وكل ما مات ضغطا فهو نطيح، وقرأ أبو ميسرة «والمنطوحة» ، وقوله: وَما أَكَلَ السَّبُعُ يريد كل ما افترسه ذو ناب وأظفار من الحيوان كالأسد والنمر والثعلب والذئب والضبع ونحوه هذه كلها سباع. ومن العرب من يوقف اسم السبع على الأسد. وكان العرب إذا أخذ السبع شاة فقتلها ثم خلصت منه أكلوها وكذلك إن أكل بعضها، قاله قتادة وغيره.
وقرأ الحسن والفياض وطلحة بن سليطان وأبو حيوة وما «أكل السبع» بسكون الباء وهي لغة أهل نجد وقرأ بذلك عاصم في رواية أبي بكر عنه. وقرأ عبد الله بن مسعود «وأكيلة السبع» وقرأ عبد الله بن عباس «وأكيل السبع» ، واختلف العلماء في قوله تعالى: إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ فقال ابن عباس والحسن بن أبي الحسن وعلي بن أبي طالب وقتادة وإبراهيم النخعي وطاوس وعبيد بن عمير والضحاك وابن زيد وجمهور العلماء الاستثناء هو من هذه المذكورات فما أدرك منها يطرق بعين أو يمصع برجل أو يحرك ذنبا وبالجملة ما يتحقق أنه لم تفض نفسه بل له حياة فإنه يذكى على سنة الذكاة ويؤكل، وما فاضت نفسه فهو في حكم الميتة بالوجع ونحوه على ما كانت الجاهلية تعتقده، وقال مالك رحمه الله مرة بهذا القول، وقال أيضا وهو المشهور عنه وعن أصحابه من أهل المدينة ان قوله تعالى: إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ معناه من هذه المذكورات في وقت تصح فيه ذكاتها وهو ما لم تنفذ مقاتلها ويتحقق أنها لا تعيش ومتى صارت في هذا الحد فهي في حكم الميتة.