العباس المبرد في ذلك بأن تقول: اشتريت الفدان إلى حاشيته أو بأن تقول اشتريت الفدان إلى الدار وبقوله: أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة: ١٨٧] .
قال القاضي أبو محمد: وتحرير العبارة في هذا المعنى أن يقال: إذا كان ما بعد إِلَى ليس مما قبلها فالحد أول المذكور بعدها وإذا كان ما بعدها من جملة ما قبلها فالاحتياط يعطي أن الحد المذكور بعدها ولذلك يترجح دخول المرفقين في الغسل. والروايتان محفوظتان عن مالك بن أنس رضي الله عنه، روى عنه أشهب أن المرفقين غير داخلين في الحد، وروي عنه أنهما داخلان.
وقوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ المسح أن يمر على الشيء بشيء مبلول بالماء وسنة مسح الرأس أن يؤخذ ماء باليدين ثم يرسل ثم يمسح الرأس بما تعلق باليدين، واختلف في مسح الرأس في مواضع منها هيئة المسح فقالت طائفة منها مالك والشافعي وجماعة من الصحابة والتابعين يبدأ بمقدم رأسه ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما إلى مقدمه، وقالت فرقة يبدأ من مؤخر الرأس حتى يجيء إلى المقدم ثم يرد إلى المؤخر، وقالت فرقة: يبدأ من وسط الرأس فيجيء بيديه نحو الوجه ثم يرد فيصيب باطن الشعر فإذا انتهى إلى وسط الرأس أمرّ يديه كذلك على ظاهر شعر مؤخر الرأس ثم يرد فيصيب باطنه ويقف عند وسط الرأس، وقالت فرقة يمسح رأسه من هنا وهنا على غير نظام ولا مبدأ محدود حتى يعمه.
قال القاضي أبو محمد: وهذا كله قول بالعموم، واختلف في رد اليدين على شعر الرأس هل هو فرض أم سنة بعد الإجماع على أن المسحة الأولى فرض بالقرآن فالجمهور على أنه سنة وقيل: هو فرض، ومن مواضع الخلاف في مسح الرأس قدر ما يمسح فقالت جماعة: الواجب من مسح الرأس عمومه، ثم اختلفوا في الهيئات على ما ذكرناه، وقال محمد بن مسلمة أن مسح ثلثي الرأس وترك الثلث أجزأ وقال أبو الفرج المالكي: وروي عن مالك أنه أن مسح الثلث أجزأ لأنه كثير في أمور من الشرع، وقال أشهب إن مسح الناصية أجزأ.
قال القاضي أبو محمد: وكل من أحفظ عنه إجزاء بعض الرأس فإنه يرى ذلك البعض من مقدم الرأس، وذلك أنه قد روي في ذلك أحاديث في بعضها ذكر الناصية وفي بعضها ذكر مقدم الرأس، إلا ما روي عن إبراهيم والشعبي قالا: أي نواحي رأسك مسحت أجزأك، وكان سلمة بن الأكوع يمسح مقدم رأسه. وروي عن ابن عمر أنه مسح اليافوخ فقط، وقال أصحاب الرأي: إن مسح بثلاث أصابع أجزأه وإن كان الممسوح أقل مما يمر عليه ثلاث أصابع لم يجزىء وقال قوم: يجزىء من مسح الرأس أن يمسح مسحة بأصبع واحدة، وقال الحسن بن أبي الحسن: إن لم تصب المرأة إلا شعرة واحدة أجزأها، وحكى الطبري وغيره عن سفيان الثوري أن الرجل إذا مسح شعرة واحدة أجزأه، ومن مواضع الخلاف في مسح الرأس ما العضو الذي يمسح به؟ فالإجماع على استحسان المسح باليدين جميعا وعلى الإجزاء إن مسح بواحدة، واختلف فيمن مسح بأصبع واحدة حتى عم ما يرى أنه يجزئه من الرأس فالمشهور أن ذلك يجزىء وقيل لا يجزىء.
قال القاضي أبو محمد: ويترجح أنه لا يجزىء لأنه خروج عن سنة المسح وكأنه لعب إلا أن يكون